أبي النضر هاشم بن القاسم، قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك، وتركه في آخر أمره- انتهى. وقال الحافظ في التقريب في ترجمة بكر بن خنيس: إنه عابد صدوق له أغلاط أفرط فيه ابن حبان- انتهى. واختلف فيه قول ابن معين، فقال مرة: ليس بشيء، وقال مرة: ضعيف، وقال مرة: شيخ صالح لا بأس به. وقال أبوحاتم: صالح غزاء ليس بالقوى. وقال العجلي: كوفي ثقة. وضعفه غير واحد، كما في التهذيب. وليث بن أبي سليم صدوق اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه فترك، قاله في التقريب. فالحديث لا يخلو عن ضعف.
(باب صلاة السفر) قال في حجة الله (ج٢ ص١٧) : لما كان من تمام التشريع أن يبين لهم الرخص عند الأعذار ليأتي المكلفون من الطاعة بما يستطيعون، ويكون قدر ذلك مفوضاً إلى الشارع ليراعي فيه التوسط لا إليهم فيفرطوا أو يفرطوا، اعتنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضبط الرخص والأعذار. ومن أصول الرخص أن ينظر إلى أصل الطاعة حسبما تأمر به حكمة البر، فيعض عليها بالنواجذ على كل حال، وينظر إلى حدود وضوابط شرعها الشارع ليتيسر لهم الأخذ بالبر، فيتصرف فيها إسقاطاً وإبداًلا حسبما تؤدي إليه الضرورة، فمن الأعذار السفر، وفيه من الحرج ما لا يحتاج إلى بيان، فشرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له رخصا: منها القصر، ومنها الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومنها ترك السنن، ومنها الصلاة على الراحلة حيث توجهت به يومىء إيماء، وذلك في النوافل وسنة الفجر والوتر لا الفرائض- انتهى مختصراً. والسفر لغة: قطع المسافة، وليس كل قطع تتغير به الأحكام من جواز الإفطار وقصر الرباعية وغيرهما، فاختلف العلماء فيه شرعاً، كما ستعرف. قال ابن رشد في البداية (ج١ ص١٣٠) : السفر له تأثير في القصر باتفاق، فقد اتفق العلماء على جواز قصر الصلاة للمسافر إلا قول شاذ أن القصر لا يجوز إلا للخائف لقوله تعالى:{إن خفتم} الآية [٤: ١٠١] . واختلفوا من ذلك في خمسة مواضع: أحدها في حكم القصر. والثاني في المسافة التي يجب فيها القصر. والثالث في السفر الذي يجب فيه القصر. والرابع في الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالتقصير. والخامس في مقدار الزمان الذي يجوز للمسافر فيه إذا قام في موضع أن يقصر الصلاة. فأما حكم القصر، فاختلفوا فيه على أقوال: فمنهم من رأى أن القصر هو فرض المسافر المتعين عليه. ومنهم من رأى أن القصر سنة. ومنهم من رأى أنه رخصة، والإتمام أفضل، بالقول الأول قال أبوحنيفة وأصحابه والكوفيون بأسرهم أعني أنه فرض متعين. وبالثاني أعنى سنة قال مالك في أشهر الروايات عنه. وبالثالث أعنى رخصة. قال الشافعي في أشهر الروايات عنه، وهو المنصور عند أصحابه- انتهى باختصار يسير. ويكون القصر أولى وأفضل. قال أحمد. قال ابن قدامة: المشهور عن أحمد أن المسافر على الاختيار إن