للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الأول)]

٢٥٦٤- (١) عن عائشة، قالت: كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم،

ــ

٢٥٦٤- قوله: (كنت أطيب) أي أعطر (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال الحافظ: استدل بقولها: ((كنت أطيب)) على أن ((كان)) لا تقتضي التكرار لأنها لم يقع منها ذلك إلا مرة واحدة، وقد صرحت في رواية عروة عنها بأن ذلك كان في حجة الوداع كما سيأتي في كتاب اللباس (أي عند البخاري) كذا استدل به النووي في شرح مسلم، وتعقب بأن المدعي تكراره إنما هو التطيب لا الإحرام، ولا مانع من أن يتكرر التطيب لأجل الإحرام مع كون مرة واحدة، ولا يخفى ما فيه. وقال النووي في موضع آخر: المختار أنها لا تقتضي تكرارًا ولا استمرارًا، وكذا قال الفخر في المحصول وجزم ابن الحاجب بأنها تقتضيه. قال: ولهذا استفدنا من قولهم: ((كان حاتم يقري الضيف)) ، أن ذلك كان يتكرر منه. وقال جماعة من المحققين: إنها تقتضي التكرار ظهورًا، وقد تقع قرينة تدل على عدمه، لكن يستفاد من سياقه لذلك المبالغة في إثبات ذلك، والمعنى أنها كانت تكرر فعل التطيب لو تكرر منه فعل الإحرام لما اطلعت عليه من استحبابه لذلك، على أن هذه النقطة لم تتفق الرواة عنها عليها، فرواها مالك عند الشيخين، وتابعه منصور عند مسلم، ويحيى بن سعيد عند النسائي كلهم عن عبد الرحمن بن القاسم شيخ مالك بلفظ ((كنت)) ورواه سفيان بن عينة عن عبد الرحمن بن القاسم عند البخاري بلفظ ((طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) وكذا سائر الطرق ليس فيها صيغة ((كان)) انتهى بزيادة يسيرة. وتعقب العيني كلام الحافظ أن ((سائر الطرق ليس فيها صيغة كان)) وبسط الروايات التي وردت بصيغة كان، وقال بعد ذكر استدلال النووي، وما اعترض به عليه: قال الإمام فخر الدين: إن ((كان)) لا تقتضي التكرار ولا الاستمرار (أي عرفًا ولا لغةً) وجزم ابن الحاجب بأنها تقتضيه وقال بعض المحققين: تقتضي التكرار ولكن قد تقع قرينة تدل على عدمه. قلت (قائله العيني) ((كان)) تقتضي الاستمرار بخلاف ((صار)) ولهذا لا يجوز أن يقال في موضع: ((كان الله)) ((صار)) - انتهى. وذكر الشيخ تقى الدين في شرح العمدة أنها تدل عليه عرفًا لا لغةً. والله تعالى أعلم (لإحرامه) أي عند إرادته فعل الإحرام لأجل دخوله فيه (قبل أن يحرم) أي يدخل فيه، وفي رواية للنسائي: ((عند إحرامه حين أراد أن يحرم)) ولمسلم نحوه، واستدل به على استحباب التطيب عند إرادة الإحرام وأنه لا بأس باستدامته بعد الإحرام، ولا يضر بقاء لونه ورائحته، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام. قال الولي العراقي في ((طرح التثريب)) (ج٥: ص٧٥) : وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأبى يوسف، وأحمد بن حنبل، وحكاه ابن المنذر عن سعد بن أبى وقاص، وابن الزبير، وابن عباس، وإسحاق، وأبى ثور، وأصحاب الرأي، وحكاه الخطابي عن أكثر الصحابة، وحكاه ابن عبد البر عن أبى سعيد الخدري، وعبد الله بن جعفر، وعائشة، وأم حبيبة، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، والشعبي، والنخعي

<<  <  ج: ص:  >  >>