٥٤٧- (١) عن أنس بن مالك، قال:((إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى:{ويسألونك عن المحيض} الآية.
ــ
ورد بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، وأما نفي الوجوب، فهو موقوف، لأنه من استنباط ابن عباس، وفيه نظر، إذ لا يلزم من زوال المسبب كما في الرمل والجمار، وعلى تقدير تسليمه، فلمن قصر الوجوب على من به رائحة كريهة أن يتمسك به - انتهى. وقال بعد الجواب عن الأحاديث التي استدل بها الجمهور على عدم الوجوب وعارضوا بها ما لفظه: ثم هذه الأحاديث كلها لو سلمت لما دلت إلا على نفي اشتراط الغسل لا على الوجوب المجرد كما تقدم - انتهى. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً الطحاوي، وقد تقدم أن الحافظ حسن إسناده.
(باب الحيض) بفتح الحاء مصدر حاضت المرأة تحيض حيضاً ومحيضاً فهي حائض وحائضة، وهو لغة: السيلان، وفي العرف: جريان دم المرأة في أوقات معلومة من رحمها بعد بلوغها. وقيل: هو دم ينفضه رحم امرأة سليمة من الداء والصغر. ولما كانت له أحكام شرعية من أفعال وتروك عقد له باباً ساق فيه ما ورد فيه من أحكامه.
٥٤٧- قوله:(إن اليهود) قيل: اليهود جمع يهودي كروم ورومي، وأصله اليهوديين ثم حذف ياء النسبة. قال القاري: والظاهر أن اليهود قبيلة سميت باسم جدها يهودا أخي يوسف الصديق، واليهودي منسوب إليهم بمعنى واحد منهم. (لم يؤاكلوها) بالهمزة ويبدل واواً. وقيل: إنه لغة. (ولم يجامعوهن) أي: لم يساكنوهن ولم يخالطوهن. وإنما جمع الضمير فيه لأن المراد بالمرأة الجنس، فعبر أولاً بالمفرد ثم بالجمع رعاية للفظ والمعنى على طريق التفنن. (فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: عن المواكلة والمجامعة في البيوت. {ويسألونك عن المحيض} المحيض مفعل من الحيض يصلح لغة للمصدر والزمان والمكان. وأكثر المفسرين على أن المراد به ههنا المصدر. ويقال: فيه اسم مصدر والمعنى واحد. وقيل المراد به موضع الدم ومكانه، والمعنى يسألونك عن دم الحيض، أو موضعه ماذا يفعل بالنساء فيه. (الآية) بالرفع والنصب والجر تتمها. {قل هو} أي: دم الحيض. {أذى} أي: شيء قذر يتأذى به من يقربه، أو مكان الحيض وموضعه ذو أذى أو محل أذى. {فاعتزلوا النساء} أي: اتركوا وطيهن. {في المحيض}[٢٢٢:٢] أي: في زمان الحيض أو مكانه أو في