للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[{الفصل الأول}]

١٧٨٧- (١) عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن،

ــ

فرضيتها بمكة وغيرها من الآيات والأدلة- انتهى. قلت: وهذا هو الراجح، بل هو المتعين عندي، والله تعالى أعلم: قال الشيخ محمد الخضري في تاريخ الأمم الإسلامية: مما فرض بمكة الزكاة، فأنا قلما نجد من الأوامر المكية ذكر الصلاة إلا وبجانبه إيتاء الزكاة وطلبت زكاة ما يخرج من الأرض في سورة الأنعام {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام:١٤١] إلا أن هذه الحقوق الواجبة لم تفصل بمكة، فقد كان ذلك موكولا لما في النفوس من الجود وبحسب حاجة الناس. وقال صاحب تفسير المنار فرضت الزكاة المطلقة بمكة في أول الإسلام، وترك أمر مقدارها ودفعها إلى الشعور المؤمنين وأريحتهم ثم فرض مقدارها من كل أنواع الأموال في السنة الثانية من الهجرة على المشهور. وقيل: في الأولى، ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام، وكانت تصرف للفقراء، كما قال تعالى في سورة البقرة {إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} : [٢٧١] وقد نزلت في السنة الثانية، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: تؤخذ من أغنياءهم فترد على فقراءهم، ثم نزلت هذه المصارف السبع أو الثمان في سنة تسع، فتوهم بعض العلماء أن فرض الزكاة كانت في هذه السنة، قال: والحكمة فيما ذكر: أن تعيين المقادير، وقيام أولى الأمر بتحصيلها وتوزيعها على من فرضت لهم، وتعدد أصنافهم: كل ذلك إنما وجد بوجود حكومة إسلامية تناطيها مصالح الأمة في دينها ودنياها في دار تسمى دار الإسلام، لأن أحكامها تنفيذ فيها بسلطانه، وكانت أول دار الإسلام دار الهجرة، إذا كانت مكة دار كفر وحرب لا ينفذ فيها للإسلام حكم، بل لم يكن لأحد من أهله فيها حرية الجهر بالصلاة إلا بحماية قريب أو جار من المشركين- انتهى.

١٧٨٧-قوله: (بعث معاذاً) بضم الميم (إلى اليمن) كان بعثه إليها سنة عشر قبل حجة الوداع، كما ذكره البخاري في أواخر المغازي. وقيل: كان ذلك في أواخر سنة تسع عند إنصرافه صلى الله عليه وسلم من تبوك، رواه الواقدي بإسناده إلى كعب بن مالك وأخرجه ابن سعد في الطبقات عنه، ثم حكي ابن سعد أنه كان في ربيع الآخر سنة عشر. وقيل: بعثه عام الفتح سنة ثمان. واتفقوا على أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر، ثم توجه إلى الشام فمات بها. واختلف هل كان معاذ والياً أو قاضياً؟ فجزم الغساني بالأول، وابن عبد البر بالثاني. قال في الاستيعاب: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى الجند باليمن يعلم الناس القرآن وشعائر الإسلام ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم اليمن على خمسة رجال، خالد بن سعيد على صنعاء، والمهاجر بن أبي أمية على كندة، وزياد بن لبيد على حضر موت،

<<  <  ج: ص:  >  >>