للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال: ((إنك تأتي قوم أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فإن هم أطاعوا لذلك،

ــ

ومعاذ بن جبل على الجند، وأبي موسى الأشعري على زبيد وزمعة وعدن والساحل- انتهى. قال الحافظ: ولمعاذ بالجند مسجد مشهور إلى اليوم (إنك تأتي قوما أهل كتاب) بنصب "أهل" بدلا من "قوما" لا صفة، وروى أحمد (ج٥:ص٢٣٥) عن معاذ قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، خرج معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوصيه ومعاذ راكب الخ. فقوله إنك تأتي قوماً أهل كتاب كالتوطئة والتمهيد للوصية لتستجمع وتقوى همته في الدعاء لهم لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان، وليس فيه أن جميع من يقدم عليهم من أهل الكتاب، بل يجوز أن يكون فيهم من غيرهم، وإنما خصهم بالذكر تفضيلاً لهم أو تغليًا على غيرهم (فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) وقعت البداءة في المطالبة بالشهادتين، لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شئ من فروعه إلا بهما، فمن كان منهم غير موحد على التحقيق، فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحداً فالمطالبة له بالجمع بين ما أقر به من التوحيد وبين الإقرار بالرسالة وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي الإشراك أو يستلزمه كمن يقول بنبوة عزيز أو يعتقد التشبيه، فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم، واستدل بذلك على أنه لا يكفي في الإسلام الإقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف الشهادة لمحمد بالرسالة وهو قول الجمهور (فإن هم أطاعوا) أي انقادوا (لذلك) أي للإتيان بالشهادتين. ولابن خزيمة: فإن هم أجابوا لذلك. واستدل به على أن الكفار غير مخاطبين بالفروع. حيث أمر بالدعاء أولاً إلى الإيمان فقط، وجعل الدعاء إلى الفروع بعد إجابتهم إلى الإيمان. وتعقب بأن الترتيب في الدعاء لا يلزم منه الترتيب في الوجوب. ألا ترى أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب وقد قدمت الصلاة على الزكاة في هذا الحديث، وأخر الإخبار بوجوب الزكاة عن الطاعة بالصلاة مع أنهما مستويتان في الخطاب للوجوب. وقال السندي: قوله: فادعهم إلى شهادة الخ. أي فأدعهم بالتدريج إلى ديننا شيئاً فشيئاً ولا تدعهم إلى كله دفعة لئلا يمنعهم من دخولهم فيه ما يجدون فيه من كثرة مخالفة لدينهم فإن مثله قد يمنع من الدخول ويورث التنفر لمن أخذ قبل على دين آخر بخلاف من لم يأخذ على آخر، فلا دلالة في الحديث على أن الكافر غير مكلف بالفروع، كيف! ولو كان ذاك مطلوبا للزم أن التكليف بالزكاة بعد الصلاة، وهذا باطل بالإتفاق- انتهى. قال النووي: أعلم أن المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور به والمنهى عنه، هذا قول المحققين والأكثرين. وقيل: ليسوا مخاطبين. وقيل: مخاطبون بالمنهى دون المأمور. وقال العيني

<<  <  ج: ص:  >  >>