٩٠٩- (١٦) عن عبد الرحمن بن شبل، قال:((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نقرة الغراب، وافتراش لسبع،
وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير)) . رواه أبوداود والنسائي والدارمي.
ــ
فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في بعض الأحيان ما رواه ابن عباس، وفي بعض الأحيان ما رواه حذيفة. (رواه النسائي) في حديث أطول منه، وأخرجه أيضاً ابن ماجه، ولفظه: كان يقول بين السجدتين: "رب اغفرلي". وهو حديث صحيح، وأصله في مسلم.
٩٠٩- قوله:(عن عبد الرحمن بن شبل) بكسر الشين المعجمة، وسكون الموحدة، ابن عمرو بن زيد الأنصاري الأوسي، أحد النقباء، المدني، وأحد علماء الصحابة، نزل حمص، له أربعة عشر حديثاً. مات في إمارة معاوية بن أبي سفيان. (عن نقرة الغراب) بفتح النون، أي عن ترك الطمأنينة، وتخفيف السجود بحيث لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد الأكل منه. قال الخطابي في المعالم: هي أن لا يتمكن الرجل من السجود فيضع جبهته على الأرض حتى يطمئن ساجداً، فإنما هو أن يمس بجبهته أو بأنفه الأرض كنقرة الطائر ثم يرفعه. (وافتراش السبع) بفتح السين المهملة، وضم الباء الموحدة، والافتراش افتعال من الفرش، أي نهى أن يبسط ذراعيه في السجود، ولا يرفعهما عن الأرض كما يبسط السبع والكلب والذئب ذراعيه. (وأن يوطن) بتشديد الطاء، ويجوز التخفيف، يقال أوطن الأرض ووطنها، واستوطنها، إذا اتخذها وطناً. (الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير) أي أن يتخذ لنفسه من المسجد مكاناً معيناً لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يبرك من عطنه إلا في مبرك قديم. وفي النهاية للجزري: قيل معناه: أن يألف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به، لا يصلي إلا فيه كالبعير لا يأوي من عطنه إلا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخاً، لا يبرك إلا فيه. وقيل معناه: أن يبرك على ركبتيه قيل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير- انتهى. قلت: وهذا أي المعنى الثاني لا يوافق لفظ الحديث فلا يصح أن يكون مراداً. قال ابن حجر: وحكمة النهي أن ذلك يؤدي إلى الشهرة، والرياء، والسمعة، والتقيد بالعادات، والحظوظ، والشهوات، وكل هذه آفات أي آفات فتعين البعد عما أدى إليها ما أمكن. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو المنذري. (والنسائي والدارمي) وأخرجه أيضاً ابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. والنهي عن نقرة كنقرة الديك، أخرجه أيضاً أحمد بإسناد حسن، وأبويعلي، والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.