٩١٠- (١٧) وعن علي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا علي! إني أحب لك ما أحب
لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقع بين السجدتين)) .
ــ
٩١٠- قوله:(يا علي! إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي) المقصود إظهار المحبة لوقوع النصيحة، وإلا فهو مع كل مؤمن كذلك. (لا تقع) بضم التاء من الإقعاء. (بين السجدتين) زاد ابن ماجه في رواية له: إقعاء الكلب. وفي حديث أنس عند ابن ماجه مرفوعاً: إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعى الكلب- الحديث. وفي حديث أبي هريرة عند أحمد: قال نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، وقد فسر هذا الإقعاء المنهى عنه بنصب الساقين: ووضع الأليتين واليدين على الأرض. وروى مسلم وغيره عن ابن عباس، قال: الإقعاء بين السجدتين هي سنة نبيكم. وعن طاووس، قال: رأيت العبادلة يقعون. قال الحافظ: وأسانيدها صحيحة. وفسر هذا الإقعاء بأن ينصب القدمين، ويجلس عليهما فلا منافاة. قال البيهقي: الإقعاء ضربان: أحدهما أن يضع أليتيه على عقبيه، ويكون ركبتاه في الأرض، وهذا هو الذي رواه ابن عباس، وفعلته العبادلة ونص الشافعي في "البويطي" على استحبابه بين السجدتين، لكن الصحيح أن الافتراش أفضل منه، لكثرة الرواة له، ولأن أعون للمصلي، وأحسن في هيئة الصلاة. والثاني أن يضع أليتيه ويديه على الأرض وينصب ساقيه، وهذا هو الذي وردت الأحاديث بكراهته. وتبع البيهقي على هذا الجمع ابن الصلاح والنووي، وأنكر على من ادعى فيهما النسخ، وقالا: كيف ثبت النسخ مع عدم تعذر الجمع، وعدم العلم بالتاريخ؟ كذا في التلخيص (ص٩٩) . قال الشوكاني: وهذا الجمع لا بد منه، وأحاديث النهي والمعارض لها يرشد لما فيها من التصريح بإقعاء الكلب، ولما في أحاديث العبادلة من التصريح بالإقعاء على القدمين وعلى أطراف الأصابع، وقد روي عن ابن عباس أيضاً أنه قال: من السنة أن تمس عقبيك أليتيك، وهو مفسر للمراد، فالقول بالنسخ غفلة عن ذلك، وعما صرح به الحفاظ من جهل تاريخ هذه الأحاديث، وعن المنع من المصير إلى النسخ مع إمكان الجمع، وقد روي عن جماعة من السلف من الصحابة وغيرهم فعله كما قال النووي. ونص الشافعي في "البويطي" و"الإملاء" على استحبابه- انتهى كلام الشوكاني. قلت: الذي قاله البيهقي، وابن الصلاح، والنووي، ثم الشوكاني، هو الحق والصواب، ويؤيده كتب اللغة. قال ابن دريد في الجمهرة (ج٣: ص٢٦٣) : الإقعاء مصدر "أقعى إقعاء" وهو أن يقعد على عقبيه، وينصب صدور قدميه، ونهى عن الإقعاء في الصلاة وهو أن يقعد على صدور قدميه، ويلقى يديه على الأرض. وفي لسان العرب: أقعى الكلب إذا جلس على إسته مفترشاً رجليه، وناصباً يديه، وقد جاء في الحديث النهي عن الإقعاء في الصلاة، وفي رواية: نهى أن يقعى الرجل في الصلاة، وهو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين. وهذا تفسير الفقهاء. قال الأزهري كما روي عن العبادلة.