للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

٥٨٩- (١) عن سيار بن سلامة، قال: ((دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية،

ــ

ولقوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [١٤٨:٢] إلا ما خصه الشارع لحكمة اقتضت تأخيرها كصلاة العشاء والظهر في شدة الحر.

٥٨٩- قوله: (عن سيار) بفتح سين وتشديد تحتية (بن سلامة) بفتح السين وتخفيف لام، الرياحي، يكنى أبا المنهال البصري، من ثقات التابعين، روى عن أبي برزة الأسلمي وغيره، مات سنة (١٢٩) (دخلت أنا وأبي) أي: سلامة، قال: الحافظ: لم أقف على من ترجمة (على أبي برزة) بفتح موحدة وسكون راء (الأسلمي) بفتح الهمزة، وسكون اللام نسبة إلى أسلم بن أفصى، واسم أبي برزة نقلة – بنون مفتوحة ومعجمة ساكنة – ابن عبيد، صحابي مشهور بكنيته، أسلم قبل الفتح وغزا سبع غزوات، ثم نزل البصرة، وغزا خراسان، ومات بها سنة (٦٥) على الصحيح، له ستة وأربعون حديثاً اتفقا على حديثين وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بأربعة (يصلي المكتوبة) أي: الصلوات المفروضة باعتبار أوقاتها (كان يصلي الهجير) أي: صلاة الهجير، والهجير-بفتح الهاء وتخفيف الجيم- والهاجرة بمعنى، وهو وقت شدة الحر، وسميت بذلك الظهر لأن وقتها يدخل حينئذ (التي تدعونها) أي: تسمونها وأنث الموصول والضمير لكون الصلاة مرادة أو أنثهما لأن الهجير بمعنى الهاجرة، أو التقدير صلاة الهجير (الأولى) لأنها أول صلاة ظهرت وصليت، أو لأنها أول صلاة النهار العرفي (حين تدحض الشمس) أي: تزول عن وسط السماء إلى جهة المغرب، مأخوذ من الدحض وهو الزلق، وفي رواية لمسلم: حين تزول الشمس، وهي تفسير لقوله: تدحض، ومقتضي ذلك أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد، لاحتمال أن يكون ذلك في البرد، أو قبل الأمر بالإبراد، أو عند فقد شروط الإبراد لأنه يختص بشدة الحر، أو لبيان الجواز، قاله الحافظ (إلى رحله) أي: منزله ومسكنه ومحل أثاثه (في أقصى المدينة) حال من رحله، أو صفة له، وليس بظرف للفعل، أي: الكائن في أبعد المدينة وآخرها (والشمس حية) أي: بيضاء نقية قوية الأثر حرارة ولونا وإنارة وشعاعاً، والجملة حالية أي: حال كون الشمس صافية اللون عن التغيير والاصفرار، فإن كل شيء ضعفت قوته فكأنه قد مات. وقال العيني: حياة الشمس عبارة عن بقاء حرها لم يفتر، وبقاء لونها لم يتغير، وإنما يدخلها التغيير بدنو المغيب، كأنه جعل مغيبها موتاً لها – انتهى. والحديث يدل على المبادرة بصلاة العصر في أول وقتها، وأن وقتها يدخل بمصيره ظل كل شيء مثله، لأنه لا يكون أن يذهب بعد صلاة العصر إلى منزله

<<  <  ج: ص:  >  >>