للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونسيت ما قال: في المغرب، وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة. وفي رواية: ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ولا يحب النوم قبلها والحديث بعدها. متفق عليه.

ــ

في أبعد المدينة والشمس بيضاء نقية بعد مصير الظل مثلي الشيء (ونسيت ما قال) أي: أبو برزة (في المغرب) قائل ذلك هو سيار بينه أحمد في روايته (وكان) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عطف على "كان يصلي" (يستحب) بفتح الياء وكسر الحاء (أن يؤخر) على بناء المعلوم أو المجهول (العشاء) إلى ثلث الليل كما سيأتي (التي تدعونها العتمة) بفتحات، هي الظلمة التي بعد غيبوبة الشفق، وفيه إشارة إلى ترك تسميتها (وكان يكره النوم قبلها) لما فيه من التعريض لصلاة العشاء على الفوات (والحديث) أي: التحادث مع الناس بكلام الدنيا (بعدها) لما فيه من تعريض قيام الليل بل صلاة الفجر على الفوات عادة ولينام عقب تكفير الخطيئة بالصلاة فيكون ختم عمله على عبادة كفرت خطاياه، وقد ورد الكلام بعدها في العلم وغيره من أمور المسلمين ومصالحهم مما لا يخل، ولذلك حمل هذا الحديث على ما لا يكون من الخير، وخص منه أيضاً المسافر والمصلي لما روى أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط عن ابن مسعود مرفوعاً: لا سمر بعد الصلاة يعني العشاء الآخرة إلا لأحد رجلين مصل أو مسافر، ولما روى أيضاً في الأحكام عن عائشة مرفوعاً: لا سمر إلا لثلاثة: مصل، أو مسافر أو عروس (وكان ينفتل) أي: ينصرف أو يلتفت إلى المأمومين (من صلاة الغداة) أي: الصبح (حين يعرف الرجل جليسه) أي: الذي بجنبه، وإذا كان هذا وقت الفراغ فيكون الشروع بغلس، ففيه دليل على استحباب التعجيل بصلاة الصبح، لأن ابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه يكون في أواخر الغلس، وقد صرح بأن ذلك كان عند فراغ الصلاة، ومن المعلوم من عادته - صلى الله عليه وسلم - ترتيل القراءة، وتعديل الأركان، فمقتضى ذلك أنه كان يدخل فيها مغلساً، ولا يخالف ذلك حديث عائشة الآتي حيث قالت: ما يعرفن من الغلس، لأن الفرق بينهما ظاهر، وهو أن حديث أبي برزة متعلق بمعرفة من هو مسفر جالس إلى جنب المصلي، فهو ممكن، وحديث عائشة متعلق بمن هو متلفف مع أنه على بعد فهو بعيد، قاله الحافظ (ويقرأ) أي: في الصبح (بالستين) أي: آية يعني أنه كان يقرأ بهذا القدر من الآيات، وربما يزيد (إلى المائة) من الآية، وقدرها في رواية للطبراني بسورة الحاقة ونحوها، قال العيني: قوله: يقرأ بالستين إلى المائة. يدل على أنه كان يشرع في الغلس، ويمدها بالقراءة إلى وقت الأسفار، وإليه ذهب الطحاوي (وفي رواية) للشيخين (ولا يبالي) بل يستحب، وهو من المبالاة بمعنى الاكتراث بالشيء (ولا يحب النوم قبلها) بل يكرهه (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب وقت العصر وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه، وأخرج الترمذي طرفاً منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>