للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٠- (٢) وعن محمد بن عمرو بن الحسن بن على، قال: ((سألنا جابر بن عبد الله عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كان يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر، والصبح بغلس)) . متفق عليه.

٥٩١- (٣) وعن أنس، قال: ((كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر، سجدنا على ثيابنا إتقاء الحر)) .

ــ

٥٩٠- قوله: (وعن محمد بن عمرو بن الحسن بن على) بن أبي طالب الهاشمي أبوعبد الله المدني، أمه رملة بنت عقيل ابن أبي طالب من ثقات لتابعين (عن صلاة النبي) أي: عن أوقات صلاته (بالهاجرة) هي شدة الحر نصف النهار عقب الزوال، سميت بذلك من الهجر وهو الترك لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر، أو لأنهم يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا. قال القسطلاني: قوله: كان يصلي الظهر بالهاجرة، أي: إلا أن يحتاج إلى الإبراد لشدة الحر- انتهى. وتعقب بأنه لو كان ذلك مراده لفصل كما فصل في العشاء. وقال السندي: لعل المطلوب أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها أي: لا يؤخرها تأخيراً كثيراً فلا ينافي الإبراد. ولعل تخصيص أيام الحر لبيان أن الحر لا يمنعه من أول الوقت فكيف إذا لم يكن هناك حر (إذا وجبت) المراد بوجوب الشمس أي: سقوطها وغيبوبة جميعها (إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر) قال الطيبي: الجملتان الشرطيتان في محل النصب حالان من الفاعل أي: يصلي العشاء معجلاً إذا كثر الناس، ومؤخرا إذا قلوا، أو يحتمل أن يكونا من المفعول والراجح مقدر أي: عجلها أو أخرها- انتهى. والتقدير معجلة ومؤخرة، وفي رواية إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطؤا أخر. والحديث فيه مشروعية ملاحظة أحوال المؤتمين، والمبادرة بالصلاة مع اجتماع المصلين لأن انتظارهم بعد الاجتماع ربما كان سبب لتأذى بعضهم وأما الانتظار قبل الاجتماع فلا بأس به لهذا الحديث, ولأنه من باب المعاونة على البر والتقوى. قال الشوكاني: الحديث يدل على استحباب تأخير صلاة العشاء لكن مقيداً بعدم اجتماع المصلين (والصبح بغلس) ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب "وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا" وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي.

٥٩١- قوله: (بالظهائر) الباء زائدة، وهي جمع ظهيرة، وهي الهاجرة أي: شدة الحر من نصف النهار عقب الزوال، ولا يقال: في الشتاء ظهير، والمراد بها صلاة الظهر، وجمعها بالنظر إلى تعدد الأيام (على ثيابنا) الظاهر أنها الثياب التي هم لابسوها، ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليلة، فمن أين لهم ثياب فاضلة؟ فهذا يدل على جواز أن يسجد المصلي على ثوب هو لابسه، كما عليه الجمهور، ومن لم يجوز يحمله على الثياب المنفصلة عن البدن، أو التي لا تتحرك بحركة المصلي، وهو تأويل لا تساعده الروايات، ولا النظر في الواقع (إتقاء الحر) بالنصب على أنه مفعول له أي: لأجل اتقاء الحر. وفي الحديث جواز استعمال الثياب، وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>