للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه، ولفظه للبخاري.

٥٩٢- (٤) وعن أبي هريرة، قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)) .

٥٩٣- (٥) وفي رواية للبخاري عن أبي سعيد، بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم،

ــ

بردها. وفيه تقديم الظهر في أول الوقت، وظاهر الأحاديث الواردة في الأمر بالإبراد يعارضه، فمن قال: الإبراد رخصة فلا إشكال. ومن قال: سنة فإما أن يقول التقديم المذكور رخصة، وإما أن يقول منسوخ بالأمر بالإبراد كحديث المغيرة بن شعبة: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا: أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم. أخرجه ابن ماجه وغيره، وصححه أبوحاتم وأحمد. وأحسن منهما أن يقال: إن شدة الحر قد توجد مع الإبراد فيحتاج إلى السجود على الثوب، أو إلى تبريد الحصى، لأنه قد يستمر حره بعد الإبراد، ويكون فائدة الإبراد وجود طل يمشي فيه إلى المسجد، أو يصلي فيه في المسجد، كذا في الفتح (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه (ولفظه للبخاري) في باب وقت الظهر عند الزوال.

٥٩٢- قوله: (فأبردوا) من الإبراد وهو الدخول في البرد، يقال: أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة (بالصلاة) أي: بصلاة الظهر، والباء للتعدية أي: أدخلوها في البرد، وأخروها عن شدة الحر في أول الزوال، وقيل: الباء زائدة وأبرد متعد بنفسه، ومعنى" أبردوا أخروا على سبيل التضمين أي: أخروا الصلاة إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج، والأمر للندب والقرينة الصارفة أن العلة فيه دفع المشقة عن المصلي لشدة الحر فصار من باب الشفقة والنفع.

٥٩٣- قوله: (بالظهر) أي: بدل بالصلاة (فإن شدة الحر من فيح جهنم) بفتح فاء وسكون ياء ثم حاء مهملة أي: من سطوع حرها، وسعة انتشارها، وتنفسها. ومنه مكان أفيح أي: متسع، وأرض فيحاء أي: واسعة، وهذا كناية عن شدة استعارها، وظاهره أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقية، وقيل بل هو على وجه التشبيه والاستعارة، وتقديره أن شدة الحر تشبه نار جهنم فاحذروه، واجتنبوا ضرره، والأول أولى، ويؤيده قوله: اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين. قال النووي: هو الصواب، لأنه ظاهر الحديث ولا مانع من حمله على حقيقته، فوجب الحكم بأنه على ظاهره. واستبعد هذا بل استشكل لأن اشتداد الحر في الأرض تابع لقرب الشمس وبعدها كما هو المشاهد المحسوس. وأجيب بأنه يمكن أن يكون الشمس بحيث أن جعل الله تعالى بين مادة جرمها وبين جهنم ارتباطاً وعلاقة ومناسبة تقبل بها الشمس حرارة نار جهنم حتى تكون حرارة الشمس سبباً لاشتداد الحر في الأرض في الظاهر، وحينئذ فلا استبعاد في نسبة اشتداد الحر في البلاد إلى فيح جهنم لأنه هو السبب الأصلي الباطني الغيبي لذلك، والله تعالى أعلم. والفاء في "فإن " لتعليل الإبراد أي: وعند شدته يذهب الخشوع الذي هو روح الصلاة وأعظم المطلوب منها. قيل وإذا كان العلة ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>