للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٤٦) باب صلاة الخوف]

ــ

(باب صلاة الخوف) أي أحكام الصلاة عند الخوف من الكفار، ولما كان لصلاة الخوف أحكام وصفة تختص بها بخلاف الصلوات التي عم الناس معرفتها دعت الحاجة إلى بيان صفتها وأحكامها، وههنا عدة أبحاث نوردها مجملاً؛ ليكون الطالب على بصيرة. الأول: أنهم اختلفوا في أي سنة نزل بيان صلاة الخوف؟ فقال الجمهور: إن أول ما صليت في غزوة ذات الرقاع، واختلف أهل السير في أي سنة كانت هي، فقال عامة أهل السير: ابن إسحاق وابن عبد البر وغيرهما أنها كانت بعد بني النضير والخندق في جمادى الأولى سنة أربع، وقال ابن سعد وابن حبان: في عاشر المحرم سنة خمس. وقال أبومعشر: بعد بني قريظة في آخر السنة الخامسة وأول التي تليها، وقال البخاري: بعد خيبر في السنة السابعة، وهو الراجح عند ابن القيم والحافظ، وذهب ابن القيم إلى أن أول صلاة صليت للخوف بعسفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة سنة ست، وصليت بذات الرقاع أيضاً فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، وقد بسط الكلام في الهدي في الاستدلال لذلك، وإليه جنح الحافظ في الفتح حيث قال بعد الاستدلال لهذا القول: وإذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف بعسفان وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي بعد عسفان فتعين تأخرها عند الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضاً فيقوى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية – انتهى. الثاني: أنهم اتفقوا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الخوف بغزوة الخندق، واختلفوا في سبب ذلك، فقيل: كانت تلك الغزوة بعد نزول صلاة الخوف، وأنه أخر الصلاة يومئذٍ نسياناً، يدل عليه ما روى أحمد من حديث ابن لهيعة عن أبي جمعة حبيب بن سباع، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال هل علم أحد منكم إني صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسول الله! ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام فصلى العصر، ثم أعاد المغرب، قال الحافظ: وفي صحته نظر؛ لأنه مخالف لما في الصحيحين من قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: ((والله ما صليتها)) ، ويمكن الجمع بينهما بتكلف، وقيل: أخرها عمداً؛ لأنه كان مشغولاً بالقتال، والاشتغال بالقتال والمسايفة يمنع الصلاة، قاله صاحب الهداية والطحاوي وأبوبكر الجصاص الرازي، وقيل: لأنه لم يكن أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>