وحديث أبى هريرة هذا ذكره المنذري في الترغيب (ج٢: ص٦٠) وقال: رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواته ثقات، ونسبه الحافظ أيضاً في المطالب العالية (ج١: ص٣٢٦) لأبي يعلى وسكت عليه. وقال البوصيري: رواه أبو يعلى بسند ضعيف لتدليس محمد بن إسحاق.
(باب الإحرام والتلبية) قال القاري: حقيقة الإحرام الدخول في الحرمة والمراد الدخول في حرمات مخصوصة أي التزامها، والتزامها شرط الحج شرعًا، غير أنه لا يتحقق ثبوته إلا بالنية والتلبية أو ما يقوم مقامها، فعطف التلبية على الإحرام من باب عطف الخاص على العام، أو مبني على القواعد الشافعية من أن الإحرام هو النية فقط، أو المراد بالتلبية غير المقرونة بالنية منب يان ألفاظها وأحوالها وفضائلها - انتهى. وقال في غنية الناسك (ص٣٢، ٣٣) : الإحرام لغة الدخول في حرمة لا تنتهك من الذمة وغيرها، وشرعًا الدخول في حرمات مخصوصة أي التزامها غير أن التزامها لا يتحقق شرعًا إلا بالنية مع الذكر أو الخصوصية - فتح - قال في النهر: فهما شرطان في تحققه لا جزآن لماهيته كما توهمه في البحر، حيث عرفه بنية النسك من الحج أو العمرة مع الذكر أو الخصوصية - انتهى. والمراد بالذكر التلبية ونحوها، وبالخصوصية ما يقوم مقامها من تقليد البدنة مع السوق، فلو نوى ولم يلب أو لب ولم ينو لا يصير محرمًا، وهل يصير محرمًا بالنية والتلبية أو بأحدهما بشرط الآخر؟ المعتمد ما ذكره الحسام الشهيد أنه بالنية لكن عند التلبية كما يصير شارعًا في الصلاة بالنية لكن بشرط التكبير لا بالتكبير، وعن أبى يوسف أنه يصير بالنية وحدها، وهو أحد قولي الشافعي قياسًا على الصوم بجامع أنهما عبادة كف عن المحظورات، وقياسه على الصلاة أولى لأنه التزام أفعال لا مجرد كف، بل التزام الكف شرط فكان بالصلاة أشبه، فلا بد من ذكر يفتتح به أو بما يقوم مقامه مما هو من خصوصياته - فتح - انتهى. وقال ابن جاسر النجدي في مفيد الأنام: الإحرام أول الأركان، وهو في اللغة الدخول في التحريم، يقال: أشتى إذا دخل في الشتاء، وأربع إذا دخل في الربيع، وأنجد إذا دخل نجدًا، وأتهم إذا دخل تهامة، وأصبح وأمسى إذا دخل في الصباح والمساء، وفي الشرع نية الدخول في النسك وإن لم يتجرد من ثيابه المحظورة على المحرم لا نيته ليحج أو يعتمر سمي الدخول في النسك إحرامًا لأن المحرم بإحرامه حرم على نفسه أشياء كانت مباحة له من النكاح، والطيب، والصيد، وأشياء من اللباس ونحوها، ومنه في الصلاة ((تحريمها التكبير)) - انتهى. وقال ابن قاسم الحنبلي: الإحرام لغة: الدخول في التحريم، لأنه يحرم على نفسه بنيته ما كان مباحًا له قبل الإحرام من النكاح والطيب والتقليم والحلق وأشياء من اللباس ونحو ذلك. وشرعًا: نية الدخول في النسك مع التلبية أو سوق الهدي، لا نية أن يحج أو يعتمر، فإن ذلك لا يسمى إحرامًا، وكذا التجرد وترك سائر المحظورات لكونه محرمًا بدونها. وقال الشيخ (يعني ابن تيمية) لا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده، بل لابد من قول