للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الثاني)]

٢٥١٢- (٧) عن ابن عباس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو يقول: رب أعني ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ، وامكر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني، ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليَّ، رب اجعلني لك شاكرًا، لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مطواعًا، إليك مخبتًا

ــ

٢٥١٢- قوله (يقول) بدل أو حال (رب أعني) من الإعانة، ((أي على أعدائي في الدين والدنيا من النفس والشيطان والجن والإنس)) (ولا تعن عليّ) ، أي أحدًا منهم (وانصرني ولا تنصر عليّ) أحدًا من خلقك، أي لا تسلطهم عليّ (وامكر لي ولا تمكر عليّ) بضم الكاف فيهما، أي أعني على أعدائي بإيقاع المكر منك عليهم لا عليّ. قال الطيبي: المكر الخداع وهو من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقد يكون مكر الله باستدارجه بطول العمر وحسن الصحة وبظاهر النعمة، وقد يكون باستدراج العبد بالطاعات فيتوهم أنها مقبولة، وهي مردودة بما وقع فيها من الرياء والسمعة. والحاصل ألحق مكرك بأعدائي لا بي. وقال ابن الملك: المكر الحيلة والفكر في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو، فالمعنى اللهم اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياي عن نفسه (واهدني) ، أي دلني على الخيرات والمبرآت، (ويسر الهدى لي) ، أي وسهل إتباع الهداية أو طرق الدلالة لي حتى لا أستثقل الطاعة ولا أشتغل عن الطاعة (وانصرني على من بغي علي) ، أي ظلمني وتعدى على (رب اجعلني لك شاكرًا) ، أي لا لغيرك (لك ذاكرًا) ، أي لا لمن سواك (لك راهبًا) ، أي خائفًا منك خاصة في السراء والضراء، فتقديم الجار والمجرور للاهتمام والاختصاص أو لتحقيق مقام الإخلاص، وهذا لفظ أبي داود. ولأحمد، والترمذي، وابن ماجة، وابن حبان، والحاكم، وابن أبي شيبة، والبغوي: ((لك ذكارًا، لك شكارًا، لك رهابًا)) ، أي على وزن فعال بصيغة المبالغة في المواضع الثلاثة، أي كثير الذكر لك في الأوقات والآناء، كثير الشكر على النعماء والآلاء، كثير الخوف والرهبة من المعصية ومن الغضب والسخط، أو جامعًا لشكر القلب وشكر العمل وشكر اللسان، وشكر القلب أن تعلم أن كل نعمة عليك فهي من الله وأن تلتذ بكونها من الله وشكر العمل أن تجعل النعمة في محلها كما أمر الله وشكر اللسان التلفظ بحمده بعد هذا والعلم والعمل (لك مطواعًا) بكسر الميم مفعال للمبالغة، أي كثير الطوع وهو الانقياد والطاعة يعني كثير الطاعة لأمرك والانقياد إلى قبول أوامرك ونواهيك، وفي رواية ابن ماجة، وابن أبي شيبة: ((مطيعًا)) من الإطاعة، أي منقادًا (لك مخبتًا) من الإخبات وهو الخشوع والتواضع والخضوع، أي اجعلني لك خاشعًا خاضعًا متواضعًا، قال في القاموس: أخبت: خشع. وقيل: من الخبت بفتح فسكون وهو المطئن من الأرض، يقال أخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل، ثم استعمل الخبت استعمال اللين والتواضع، قال الله تعالى: {وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ} (١١: ٢٣) ، أي اطمأنوا وسكنت نفوسهم إلى أمره فالمخبت هو

<<  <  ج: ص:  >  >>