للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليك أواهًا منيبًا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري. رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة.

ــ

المتواضع الذي اطمأن قلبه إلى ذكر ربه وأقيم اللام مقام ((إلى)) لتفيد الاختصاص قال تعالى: {وبشر المخبتين الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية (٢٢: ٣٥) وفي رواية البغوي: ((إليك مخبتًا)) (إليك) وللبغوي: ((لك)) مكان ((إليك)) (أوّاهًا) بتشديد الواو أي أكثر التأوه من الذنوب وهو التضرع , وقيل: كثير الدعاء، وقيل: كثير البكاء. وقال القاري: أي متضرعًا فعال للمبالغة من أوه تأويهًا وتأوه تأوهًا إذا قال: أوه أي قائلاً لفظ أوه وهو صوت الحزين أي: اجعلني حزنيًا ومتفجعًا على التفريط أو هو قول النادم من معصيته المقصر في طاعته، وقيل: الأواه البكاء (منيبًا) من الإنابة، أي راجعًا إليك في أموري كلها، وقيل التوبة رجوع من المعصية إلى الطاعة والإنابة من الغفلة إلى الذكر والفكرة والأوبة من الغيبة إلى الحضور والمشاهدة. قال الطيبي: وإنما اكتفى في قوله: ((أواهًا منيبًا)) بصلة واحدة لكون الإنابة لازمة للتأوه ورديفًا له فكأنه شيء واحد ومنه قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ} (١١: ٧٥) (رب تقبل توبتي) بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها لا تتخلف عن حيز القبول قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (٤٢: ٢٥) (واغسل حوبتي) بفتح الحاء وتضم، أي امح ذنبي وأزل خطيئتي وإثمي. قيل: هي مصدر حبت بكذا، أي أثمت، تحوب حوبة وحوبًا وحبابة والجواب بالضم، والحاب الإثم سمي بذلك لكونه مزجورًا عنه إذ الحوب في الأصل لزجر الإبل وذكر المصدر دون الإثم وهو الحوب لأن الاستبراء من فعل الذنب أبلغ منه من نفس الذنب كذا قيل، ويمكن أن يكون مراعاة للسجع، ثم ذكر الغسل ليفيد إزالته بالكلية بحيث لا يبقى منه أثر، والتنزة والتفصي عنه عن القذر الذي يستنكف عن مجاورته (وأجب دعوتي) ، أي دعائي (وثبت حجتي) ، أي على أعدائك في الدنيا والعقبى أو ثبت قولي وتصديق في الدنيا وعن جواب الملكين في القبر وقيل: أي قو إيماني بك وثبتني على الصواب عند السؤال (وسدد لساني) ، أي صوبه وقومه حتى لا ينطق إلا بالصدق ولا يتكلم إلا بالحق (واهد قلبي) ، أي إلى الصراط المستقيم وقيل: أي إلى معرفة ربي، وقيل: أي إلى درك الحقائق الشرعية (واسلل) بضم اللام الأولى، أي أخرج وأنزع من سل السيف إذا أخرجه من الغمد (سخيمة صدري) ، بضم المهملة وكسر المعجمة، أي غشه وغله وحقده. قيل: السخيمة الضغينة من السخمة وهو السواد ومنه سخام القدر وإنما أضاف السخيمة إلى المصدر إضافة الشيء إلى محله والمعنى أخرج من صدري وانزع عنه ما ينشأ منه ويسكن فيه ويستولى عليه من مساوي الأخلاق وفي رواية ابن حبان، والبغوي ((قلبي)) بدل ((صدري)) . (رواه الترمذي) في الدعوات، (وأبو داود) في أواخر الصلاة، (وابن ماجة) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٢٢٧) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج٢: ص١١٨، ١١٩) ، والنسائي في اليوم والليلة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم (ج١: ص٥٢٠) ، وابن أبي شيبة، والبغوي (ج٥: ص١٧٥، ١٧٦) وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>