رواه الترمذي، وأبوداود، والدارمي، وليس عند النسائي: فإنه أعظم للأجر.
[{الفصل الثالث}]
٦١٧- (٢٩) عن رافع بن خديج، قال:((كنا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم، ثم تطبخ، فنأكل لحماً نضيجاً قبل مغيب الشمس))
ــ
الموافق لأدلة التغليس لفظ أصبحوا، وتلك أدلة كثيرة، ولا دليل على الإسفار إلا هذا الحديث بلفظ "أسفروا" والأصل عدم التعارض، فالظاهر أن الأصل لفظ "أصبحوا" الموافق لباقي الأدلة لا لفظ "أسفروا" المعارض، وإنما جاء لفظ "أسفروا" من تصرف الرواة، لكن قد يقال "أسفروا" هو الظاهر لا "أصبحوا"؛ لأنه لو كان "أصبحوا" صحيحاً لكان مقتضى قوله "أعظم للأجر" أنه بلا إصباح تجوز الصلاة وفيها أجر دون أجر، ويمكن الجواب بأن معنى "أصبحوا" تيقنوا بالإصباح بحيث لا يبقى فيه أدنى وهم، ولو كان ذلك الوهم غير مناف للجواز، وذلك لأنه إذا قوى الظن بطلوع الفجر يجوز الصلاة ويثاب عليها، لكن التأخير حتى يتبين وينكشف بحيث لا يبقى وهم ضعيف فيه أولى وأحسن، فأجره أكثر، وعلى هذا المعنى حمل الإسفار إن صح توفيقاً بين الأدلة – انتهى كلام السندي. قلت: أحسن الأجوبة وأسلمها وأولاها ما قاله الإمام ابن القيم بأن المراد الإسفار دواماً لا ابتداء، والله أعلم. (رواه الترمذي) وقال حديث حسن صحيح. (وأبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (والدارمي) وأخرجه أيضاً الطيالسي وأحمد (ج٣: ص٤٦٥، وج٤: ص١٤٠، ١٤٢، ١٤٣) وابن ماجه والبيهقي وابن حبان والطبراني والطحاوي في معاني الآثار، قال الحافظ في الفتح: رواه أصحاب السنن، وصححه غير واحد.
٦١٧- قوله:(الجزور) بفتح الجيم، قال الطيبي: هو البعير ذكراً كان أو أنثى إلا أن اللفظ مؤنثة، يقال: هذه الجزور وإن أردت ذكراً – انتهى. وقال النووي: الجزور-بفتح الجيم- لا يكون إلا من إلإبل، وقال المجد في القاموس: الجزور البعير، أو خاص بالناقة المجزورة، الجمع جزائر، وجزر، وجزرات. (فتقسم عشر قسم) بكسر القاف وفتح السين، جمع قسمة. (ثم تطبخ) بالتأنيث، وفي بعض النسخ "نطبخ" بالنون، وكذا وقع في صحيح مسلم، وهو من باب نصر ومنع. (لحماً نضيجاً) أي مشوياً، وقال الجزري: النضيج المطبوخ، فعيل بمعنى مفعول. (قبل مغيب الشمس) قال الطيبي: في تخصيص القسم بالعشر، والطبخ بالنضج، وعطف تنحر على نصلي إشعار بإمتداد الزمان، وأن الصلاة واقعة أول الوقت. قلت: الحديث يدل على مشروعية المبادرة بصلاة العصر وتعجيلها، فإن نحر الجزور ثم قسمتها ثم طبخها ثم أكلها نضجاً، ثم الفراغ من ذلك قبل غروب الشمس من أعظم المشعرات بالتبكير بصلاة العصر، فهو من حجيج