(باب رمي الجمار) هكذا بوب مالك في الموطأ والبخاري في صحيحه وأبو داود في سننه. قال الحافظ: أي وقت رميها أو حكم الرمي. قال القسطلاني: واحد الجمار جمرة وهي في الأصل النار المتقدة، والحصاة، وواحدة جمرات المناسك، وهي المرادة ها هنا، وهي ثلث: الجمرة الأولى والوسطى والعقبة يرمين بالجمار، قاله في القاموس. وقال الشهاب القرافي من المالكية: الجمار اسم للحصى لا للمكان، والجمرة اسم للحصاة، وإنما سمي الموضع جمرة باسم ما جاوره وهو اجتماع الحصى فيه، وقال الحافظ: الجمرة اسم لمجتمع الحصى، سميت بذلك لاجتماع الناس بها. يقال تجمر بنوا فلان إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسمي الحصى الصغار جمارًا فسميت تسمية الشيء باسم لازمه. وقيل لأن آدم أو إبراهيم لما عرض له إبليس فحصبه، جمر بين يديه أي أسرع فسميت بذلك – انتهى. وقال ابن نجيم: الجمار هي الصغار من الحجارة جمع جمرة، وبها سموا المواضع التي ترمى جمارًا وجمرات لما بينهما من الملابسة، وقيل لتجمع ما هنالك من الحصى، من تجمر القوم إذا اجتمعوا – انتهى. وقال في اللمعات: الجمار الأحجار الصغار، ومنه سمي جمار الحج للحصى التي ترمى بها. وأما موضع الجمار بمنى فيسمى جمرة لأنها ترمى بالجمار أو لأنه موضع مجتمع حصى ترمى، والجمر يجيء بمعنى الجمع كثيرًا أو من أجمر بمعنى أسرع – انتهى. هذا وقد بسط الكلام في ذلك الشنقيطي في أضواء البيان (ج ٥: ص ٢٩٨) فراجعه. قال النووي في مناسكه قال الشافعي: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى فمن أصاب مجتمع الحصى بالرمي أجزأه، ومن أصاب سائل الحصى الذي ليس بمجتمعه لم يجزه، والمراد مجتمع الحصى في موضعه المعروف الذي كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - فلو حول ورمى الناس في غيره واجتمع الحصى لم يجزه، وقال البجيرمي: لو أزيل العلم الذي هو البناء في وسط الجمرة فإنه يكفي الرمي إلى محله بلا شك، لأن العلم لم يكن موجودًا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رمى هو وأصحابه إلى الجمرة، إلى آخر ما قال. وفي الغنية: قال في النخبة محل الرمي هو الموضع الذي عليه الشاخص وما حوله لا الشاخص، ومثله في البحر. قلت: اختلفوا في مصداق الجمرة فقال الشافعية: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى ولا الشاخص ولا موضع الشاخص، لكن هذا مخالف لما تقدم عن البجيرمي، ويؤيده ما في روضة المحتاجين إذ قال: الثالث من الشرائط قصد المرمى، فلو رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يعتد به، والمرمى هو مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى، فلو قصد الشاخص أو حائط جمرة العقبة لم يكف وإن وقع في المرمى كما يفعله كثير من الناس. قال المحب الطبري: وهو الأظهر عندي. ويحتمل أنه يجزئه لأنه حصل فيه بفعله مع قصد الرمي الواجب. والثاني أقرب كما قاله الزركشي وهو المعتمد. ولا يقال يلزم عليه أنه لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى يجزئ، وقد صرحوا بخلافه لأنا نقول فرق ظاهر بين الرمي إلى غير المرمى وبين الرمي إلى الشاخص الذي في وسط المرمى سيما والشاخص المذكور حادث لم يكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم -. ولذا لو أزيل كفى الرمي إلى محله بلا شك – انتهى. وقال المالكية: الجمرة اسم للبناء وما تحته من موضع الحصباء على المعتمد، وقيل إن الجمرة اسم للمكان الذي يجتمع فيه الحصى. وقال