٥٦٦- (١) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)) رواه مسلم.
ــ
(كتاب الصلاة) كان فرض الصلوات الخمس ليلة المعراج قبل الهجرة، وكانت الصلاة قبل الإسراء صلاتين، صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها. قال تعالى:{وسبح بحمد ربك بالعشى والإبكار}[٥٥:٤٠] واختلفوا في اشتقاق الصلاة، فقيل: من الصلاة بمعنى الرحمة، وقيل: بمعنى الدعاء، وقيل: من الصلوين، وهما عرقان في الردف ينحنيان في الصلاة، وقيل: من الصلى وهو دخول الناء. ونقل الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد عن السهيلي كلاماً حسناً في اشتقاق الصلاة، فارجع إليه.
٥٦٦- قوله:(الصلوات الخمس) أي: بعضها إلى بعض، ففي رواية لأحمد: الصلاة إلى الصلاة التي قبلها كفارة (والجمعة) أي: صلاتها (إلى الجمعة) أي: منتهية إلى الجمعة، أو منضمة إليها. وعلى هذا قوله:(ورمضان) أي: صومه (إلى رمضان) وقوله: (مكفرات لما بينهن) أي: ن الذنوب، خبر عن الكل و"مابينهن" معمول لاسم الفاعل، قاله الطيبي. والتكفير التغطية، والمراد هنا المحو (إذا اجتنبت الكبائر) على صيغة المجهول، شرط جزاءه محذوف دل عليه ما قبله. وقيل إذا لمجرد الظرفية، فمعنى قوله: إذا اجتنبت الكبائر. أي: وقت اجتنابها. والحديث بظاهره يفيد أن التكفير مشروط باجتناب الكبائر، فإن لم يجتنبها لم تكفر الصغائر، ومثله قوله تعالى:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم}[٣١:٤] . وهذا إنما يلزم عند من يقول بالمفهوم. وأما من لم يقل بمفهوم المخالفة، فأمر تكفير الصغائر وقت ارتكاب الكبائر مسكوت عنده، وقد علم من الأدلة الأخرى أنه تغفر الصغائر بالطاعات وإن لم يجتنب الكبائر. وقيل في توجيه الآية: أن محو الصغائر لمن اجتنب الكبائر وعد مقطوع به، ومحوها لمن تعاطى الكبائر ليس كذلك، بل في مشيئته وإرادته تعالى. وقال النووي: معنى الحديث: أن ما بينهن من الذنوب كلها مغفور إلا الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، أو فضل الله. هذا مذهب أهل السنة، ذكره القاري. وقال الشيخ محمد طاهر الفتني: لا بد في حقوق الناس من القصاص ول صغيرة، وفي الكبائر من التوبة. ثم ورد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان، فإذا تكرر يغفر بأولها الصغائر، وبالبواقي يخفف عن الكبائر، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات-انتهى (رواه مسلم) في الطهارة وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي في الصلاة.