٥٤٦- (٨) عن عكرمة، قال:((إن ناساً من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجباً؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب. وسأخبركم كيف بدء الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف
ــ
- صلى الله عليه وسلم - لواثله وقتادة الرهاوي عند الطبراني، وعقيل بن أبي طالب عند الحاكم في تاريخ النيسابور. قال الحافظ: وفي أسانيد الثلاثة ضعف. قال الشوكاني في السيل الجرار: الظاهر وجوب الغسل، ولا وجه لمن تمسك ممن قال: بعدم الوجوب من أنه لو كان واجبا لأمر به - صلى الله عليه وسلم - كل من أسلم، لأنا نقول: قد كان هذا في حكم المعلوم عندهم، ولهذا إن ثمامة لما أراد الإسلام ذهب فاغتسل، كما في الصحيحين. والحكم يثبت على الكل بأمر البعض، ومن لم يعلم الأمر بذلك لكل من أسلم لا يكون عدم علمه حجة له - انتهى. وقال في النيل: والظاهر الوجوب، لأن أمر البعض قد وقع به التبليغ، ودعوى عدم الأمر لمن عداهم لا يصلح متمسكاً، لأن غاية ما فيها عدم العلم بذلك وهو ليس علماً بالعدم. (رواه الترمذي) وحسنه. (وأبوداود) وسكت عنه. ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره. (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥:ص٦١) وابن حبان، وابن خزيمة، وابن سعد في الطبقات (ج١: ص٢٣،٢٤) وصححه ابن السكن.
٥٤٦- قوله:(من أهل العراق) هو بلاد من عبادان إلى موصل طولاً، ومن القادسية إلى حلوان عرضاً، والعراقان الكوفة والبصرة كذا في القاموس. (جاءوا) أي إلى ابن عباس حين كان والياً على البصرة. (أترى) بفتح التاء من الرأي أي تعتقد. (يوم الجمعة) ظرف للغسل. (ولكنه أطهر) أي: أكمل تطهيراً وأكثر تنظيفاً، فهو أفعل التفضيل من التطهير بحذف زوائده كما هو مذهب بعض النحاة، أو معناه أكثر طهارة صاحبه. (وخير) أي: نفع كثير. (ومن لم يغتسل) واكتفى بالوضوء. (فليس) الغسل. (عليه بواجب) هذا دليل لجواب مقدر تقديره: فلا بأس، إذ ليس الغسل فيه واجباً. (كيف بدأ الغسل؟) بضم الهمزة أي: سبب ابتداء مشروعيته للجمعة. (كان الناس) استئناف بيان، والمراد من الناس الصحابة. (مجهودين) من الجهد بالفتح وهو المشقة والعسرة، يقال: جهد الرجل فهو مجهود، إذا وجد مشقة، وجهد الناس فهم مجهودون إذا أجدبوا، أي: أصابهم الجدب، وهو المحل والفقر، ومجهدون معسرون. والمعنى أنهم كانوا في المشقة والعسرة لشدة فقرهم. (يلبسون الصوف) جملة مبنية، والصوف للضأن كالشعر للمعز والوبر للإبل.