٥٤٤- (٦) وعن عائشة رضي الله عنها، ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت)) رواه أبوداود.
٥٤٥- (٧) وعن قيس بن عاصم، ((أنه أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر)) .
ــ
٥٤٤- قوله:(كان يغتسل من أربع) أي: يأمر الناس بالاغتسال من أربع، ففي رواية أحمد والدارقطني قال: يغتسل من أربع. (من الجنابة) بدل بإعادة الجار أي: من أجلها، فمن تعليلية. (ويوم الجمعة) بالجر، وهو الملائم للسابق واللاحق، وإن صح النصب فيكون على نزع الخافض، قاله القاري. (ومن الحجامة) بكسر الحاء أي: للمحجوم، والاغتسال من الحجامة لإماطة الأذى، ولما لا يؤمن أن يصيبه من رشاشة الحجامة فتستحب النظافة. (ومن غسل الميت) بضم الغين. والحديث دليل على مشروعية الغسل في هذه الأربعة الأحوال. فأما الجنابة فالوجوب ظاهر. وأما الجمعة ففي حكمه ووقته خلاف، وقد تقدم أن الراجح في حكمه الوجوب، وفي وقته أنه من فجر الجمعة إلى الذهاب، ويستحب تأخيره إليه، وأما الحجامة فقيل: إنه سنة. وقد روى عن أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم، فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. أخرجه الدارقطني ولينه، لأن فيه صالح بن مقاتل، وليس بالقوى، وذكره النووي في فصل الضعيف، فدل على أنه سنة يفعل تارة كما أفاده حديث عائشة هذا، ويترك أخرى كما في حديث أنس. ويروي عن على: الغسل من الحجامة سنة وإن تطهرت أجزأك. وأما الغسل من غسل الميت، فقد تقدم في شرح حديث أبي هريرة الذي قبل هذا. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد، والبيهقي والدارقطني وفي سنده مصعب بن شيبة، وفيه مقال، وضعفه أبوزرعة وأحمد والبخاري وصححه ابن خزيمة. وقال الدارقطني: مصعب بن شيبة ليس بالقوى ولا بالحافظ. وقال أبوداود: حديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليه- انتهى.
٥٤٥- قوله:(وعن قيس بن عاصم) بن سنان بن خالد التميمي السعدي المنقري، صحابي مشهور بالحلم، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في وفد بني تميم سنة تسع فأسلم، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: هذا سيد أهل الوبر. وكان عاقلاً، حليماً، سمحاً، جواداً. قيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس. قال ابن عبد البر: قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية. نزل البصرة، وبنى بها داراً، وبها مات عن اثنين وثلاثين ذكراً من أولاده. (فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: بعد ما أسلم. (أن يغتسل بماء وسدر) للمبالغة في التنظيف، وإزالة الوسخ والرائحة الكريهة، لأنه يطيب الجسد. والحديث فيه دليل على مشروعية الغسل لمن أسلم. وقد ذهب إلى الوجوب مطلقاً أحمد لهذا الحديث، ولحديث أبي هريرة: أن ثمامة أسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل) أخرجه أحمد، وعبد الرزاق، والبهيقي، وابن خزيمة، وابن حبان، وأصله في الصحيحين. وليس فيهما الأمر بالاغتسال، ولكن فيهما أنه اغتسل، ولحديث أمره