للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

١٨٣٠- (١) عن ابن عمر، قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر

ــ

فرض آخر قلت: حديث قيس هذا سنده صحيح رواته ثقات، وقد صححه الحاكم والذهبي، والقول بأن في سنده راوياً مجهولاً خطأ فليس فيه مجهول قط. وقال الخطابي: حديث قيس هذا لا يدل على زوال وجوبها، وذلك أن الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه، غير أن محل سائر الزكوات الأموال، ومحل زكاة الفطر الرقاب - انتهى. وقال البيهقي: هذا لا يدل على سقوط فرضها، لأن نزول فرض لا يوجب سقوط آخر. وقد أجمع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، وإن اختلفوا في تسميتها فرضاً فلا يجوز تركها، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على فرضية صدقة الفطر. قلت: فيه نظر لما تقدم من الإختلاف في ذلك.

١٨٣٠- قوله: (فرض) أي أوجب وألزم (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وما أوجبه فبأمر الله {وما ينطق عن الهوى} [النجم:٣] قال الطيبي: دل قوله "فرض" على أن صدقة الفطر فريضة، والحنفية على أنها واجبة. قال القاري: لعدم ثبوتها بدليل قطعي فهو فرض عملي لا اعتقادي. وقال السندي: الحديث من أخبار الآحاد فمؤداه الظن فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه، من خص الفرض بالقطع والواجب بالظن - انتهى. وقال ابن حجر: في الحديث دليل لمذهبنا، ولما رأى الحنفية الفرق بين الفرض والواجب بأن الأول ما ثبت بدليل قطعي. والثاني: ما ثبت بظني. قالوا: إن الفرض هنا بمعنى الواجب. وفيه نظر؛ لأن هذا قطعي لمعا علمت أنه مجمع عليه فالفرض فيه باق على حاله حتى على قواعدهم فلا يحتاج لتأويلهم الفرض هنا بالواجب - انتهى. قال القاري: وفيه أن الإجماع على تقدير ثبوته إنما هو في لزوم هذا الفعل، وأما أنه على طريق الفرض أو الواجب بناء على إصطلاح الفقهاء المتأخرين فغير مسلم، وأما قوله: ووجوبها مجمع عليه كما حكاه المنذري والبيهقي فمنقوض بأن جمعاً حكوا الخلاف فيها (كما تقدم) . قلت: حمل اللفظ في كلام الشارع على الحقيقة الشرعية متعين، لكن حمله على المصطلح الحادث غير صحيح، والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يعرفون هذا الاصطلاح الحادث. والفرق الذي قال به الحنفية فالظاهر هو ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة من أن صدقة الفطر فريضة (زكاة الفطر) زاد مسلم في رواية "من رمضان" ونصبها على المفعولية "وصاعاً" بدل منها أو حال أو تميز أو على نزع الخافض أي في زكاة رمضان والمفعول "صاعاً" وقيل: نصب "صاعاً" على أنه مفعول ثان. واستدل بقوله "زكاة الفطر" على أن وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر؛ لأنه وقت الفطر من رمضان. وقيل: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد؛ لأن الليل ليس محلاً للصوم، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر، والأول: قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي في الجديد وإحدى الراويتين عن مالك. والثاني: قول أبي حنيفة والليث والشافعي في

<<  <  ج: ص:  >  >>