للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الأول)]

٢٣٤٦- (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عله وسلم: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ

ــ

أنه حصل له شرود وإباق عن سيده، فرأى في بعض السكك بابًا قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكى وأمه خلفه تطرده، حتى خرج فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرًا فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه، ولا من يؤويه غير والدته فرجع مكسور القلب حزينًا فوجد الباب مُرتجًا فتوسده، ووضع خده على عتبة الباب ونام فخرجت أمه، فلما رأته على تلك الحالة لم تملك أن رمت نفسها عليه والتزمته تقبله وتبكي وتقول: يا ولدى أين تذهب عني ومن يؤويك سواي؟ ألم أقل لك: لا تخالفني ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة لك والشفقة عليك وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت فتأمل قول الأم: (لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة) وتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها) وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟ فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه فإذا تاب إليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأولى به، فهذه نبذة يسيرة تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح هذا الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها، ووراء هذا ما تجفوا عنه العبارة وتدق عن إدراكه الأذهان وإياك وطريقة التعطيل والتمثيل، فإن كلاً منهما منزل ذميم ومرتع على علاته وخيم، ولا يحل لأحدهما أن يجد روائح هذا الأمر ونفسه لأن زكام التعطيل والتمثيل مفسد لحاسة الشم كما هو مفسد لحاسة الذوق، فلا يذوق طعم الإيمان ولا يجد ريحه. والمحروم كل المحروم من عرض عليه الغنى والخير فلم يقبله، فلا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العليم) ثم بسط ابن القيم الكلام في شرح قول صاحب المنازل: ((الثاني أن يقيم على عبده حجة عدله فيعاقبه على ذنبه)) ثم ذكر النظر الرابع من الأنظار الخمسة التي تحصل عند صدور المعصية من العبد وهو النظر إلى محل الجناية ومصدرها أي النفس الأمارة بالسوء وشرح في ضمنه اللطيفة الثانية من لطائف أسرار التوبة ثم ذكر النظر الخامس وهو نظره إلى الآمر له بالمعصية المزين له فعلها، الحاض له عليها، وهو شيطانه الموكل به، ثم أطال الكلام في شرح اللطيفة الثالثة من أحب الوقف على ذلك رجع إلى المدارج (ج١: ص١١٩: ١٢٦) .

٢٣٤٦- قوله: (والله) فيه: القسم على الشيء تأكيدًا له وإن لم يكن عند السامع فيه شك (إني لأستغفر الله وأتوب إليه) يحتمل أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه ويؤيده ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>