للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً.

ــ

مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة. ويحتمل أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة وينشئها. ويؤيده ما سيأتي في آخر الفصل الثاني من حديث ابن عمر قال: إن كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور. مائة مرة. أخرجه أحمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة من طريق محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر (في اليوم) الواحد (أكثر من سبعين مرة) ، كذا في شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عند البخاري، وفي رواية معمر عن الزهري عن أبي سلمة عند الترمذي، وابن السني إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وهكذا وقع في حديث أنس عند أبي يعلي، والبزار، والطبراني، فيحتمل أن يريد به المبالغة والتكثير. والعرب تصنع السبع والسبعين والسبعمائة موضع الكثرة، ويحتمل أن يريد العدد بعينه. وقوله في رواية الكتاب أكثر مبهم، فيحتمل أن يفسر بحديث ابن عمر المذكور وأنه يبلغ المائة. وقد وقع في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عند النسائي، وابن ماجة بلفظ: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة. وفي حديث الأغر الآتي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة. قال الشوكاني بعد ذكر الروايات الثلاث: وينبغي الأخذ بالأكثر وهو رواية المائة فيقول في كل يوم أستغفر الله وأتوب إليه مائة مرة، فإن قال اللهم إني أستغفرك فاغفر لي وأتوب إليك فتب على. فقد أخذ بطرفي الطلب، والله سبحانه وتعالى {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} (غافر: ٣) - انتهى. وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معصوم. والاستغفار يستدعي وقوع المعصية. وأجيب بعدة أجوبة منها: إن المراد باستغفاره - صلى الله عليه وسلم - استغفاره من الذي وقع في حديث الأغر الآتي وسيأتي تفسيره وتوضيحه. ومنها قول ابن الجوزي: هفوات لطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر. كذا قال وهو مفرع على خلاف المختار، والراجح عصمتهم من الصغائر أيضًا. ومنها: قول ابن بطال الأنبياء أشد الناس اجتهادًا في العبادة لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير - انتهى. ومحصله جوابه أن الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله تعالى. ويحتمل أن يكون لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع أو نوم أو راحة أو لمخاطبة الناس، والنظر في مصالحهم ومحاربة عدوهم تارة ومداراته أخرى، وتأليف المؤلفة وغير ذلك مما يحجبه عن الاشتغال بذكر الله والتضرع إليه، ومشاهدته ومراقبته فيرى ذلك ذنبًا بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس. ومنها إن الاستغفار تشريع

<<  <  ج: ص:  >  >>