٢٣٤٧- (٢) وعَنْ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ قال: قال رسول الله صلى الله عله وسلم: إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي
ــ
وتعليم لأمته أو من ذنوب أمته فهو كالشفاعة لهم. وقال الغزالي في الإحياء: كان - صلى الله عليه وسلم - دائم الترقي، فإذا ارتقى إلى حال رأى ما قبلها دونها فاستغفر من الحالة السابقة، وهذا مفرع على أن العدد المذكور في استغفاره كان مفرقًا بحسب تعدد الأحوال وظاهر ألفاظ الحديث يخالف ذلك. ومنها: إن استغفاره كان إظهارًا للعبودية وافتقارًا لكرم الربوبية. (رواه البخاري) في الدعوات وأخرجه أيضًا أحمد (ج٢: ص٢٨٢) ، والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (ج١٠: ص٢٠٨) .
٢٣٤٧- قوله:(وعن الأغر) بفتح الهمزة والغين المعجمة وتشديد الراء (المزني) نسبة إلى قبيلة مزينة مصغرًا. قال في التقريب: الأغر بن عبد الله المزني، ويقال: الجهني. ومنهم من فرق بينهما صحابي. قال البخاري: المزني أصح. وقال في الخلاصة: الأغر بن يسار المزني أو الجهني، والمزني أصح صحابي من المهاجرين الأولين. وقيل: اسم أبيه عبد الله. له ثلاثة أحاديث خرج له مسلم منها فرد حديث، وروى عنه ابن عمر ومعاوية بن قرة وأبو بردة. قلت: غاير بين الأغر المزني والجهني ابن منده، وكذا مال إلى التفرقة بينهما ابن الأثير، وجزم أبو نعيم وابن عبد البر بأنهما واحد، وصوبه الحافظ في الإصابة والتهذيب. (إنه ليُغان) بضم الياء وبالغين المعجمة مبنيًا للمفعول من باب ضرب من الغين وهو الغين والغطاء لغة، والمراد هنا ما يغشى القلب ويغطيه (على قلبي) نائب فاعل يغان أي يغشى أو يغطى قلبي. قال الجزري: الغين الغيم، وغينت السماء تغان إذا أطلق عليها الغيم. وقيل: الغين شجره ملتف أراد ما يغشاه من السهو الذي لا يخلو منه البشر لأن قلبه أبدًا كان مشغولاً بالله تعالى، فإن عرض له وقتًا ما عارض بشري يشغله من أمور الأمة والملة ومصالحهما عد ذلك ذنبًا وتقصيرًا فيفزع إلى الاستغفار - انتهى. وقال القاري: يقال: غين عليه كذا أي غطى عليه، ((وعلى قلبي)) مرفوع على نيابة الفاعل يعني ليغشى على قلبه ما لا يخلوا البشر عنه من سهو والتفات إلى حظوظ النفس من مأكول ومنكوح ونحوهما، فإنه كحجاب وغيم يطبق على قلبه فيحول بينه وبين الملأ الأعلى حيلولة ما فيستغفر تصفية للقلب وإزاحة للغاشية، وهو إن لم يكن ذنبًا لكنه من حيث أنه بالنسبة إلى سائر أحواله نقص وهبوط إلى حضيض البشرية يشابه الذنب فيناسبه الاستغفار - انتهى. قلت: تحير العلماء في بيان معنى هذا الحديث وتأويله حتى قال السيوطي: هذا من المتشابه الذي لا يعلم معناه، وقد وقف الأصمعي إمام اللغة على تفسيره وقال: لو كان عن غير قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكلمت عليه وفسرته، ولكن العرب تزعم أن الغين الغم الرقيق. وقال