للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٢١) باب سجود القرآن]

ــ

من هذا الباب. قال الحافظ في التلخيص (ص١١٣) بعد عزوه للترمذي وابن ماجه: هو حديث معلول، فإنه من رواية ابن إسحاق عن مكحول عن كريب. وقد رواه أحمد في مسنده (ج١: ص١٩٣) ، وكذا البيهقي (ج٢: ص٣٣٢) عن ابن علية عن ابن إسحاق عن مكحول مرسلاً. قال ابن إسحاق فلقيت حسين بن عبد الله، فقال لي هل أسنده لك؟ قلت: لا، فقال: لكنه حدثني أن كريباً حدثه به، وحسين ضعيف جداً. ورواه إسحاق ابن راهوية والهيثم بن كليب في مسنديهما من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مختصراً فذكر لفظه، قال: وفي إسنادهما إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف، وتابعه بحر بن كنيز السقاء فيما ذكر الدارقطني في العلل. وذكر الاختلاف فيه أيضاً على ابن إسحاق في الوصل والإرسال - انتهى.

(باب سجود القرآن) أي سجدة التلاوة، وهي سنة مؤكدة عند الشافعية والحنابلة، وسنة أو فضيلة قولان مشهوران للمالكية، وواجبة عند أبي حنيفة. قال ابن قدامة في المغني (ج١: ص٦٥٦) : سجود التلاوة سنة مؤكدة، وليس بواجب عند إمامنا (أحمد) ومالك والأوزاعي والشافعي، وهو مذهب عمر وابنه عبد الله، وأوجبه أبوحنيفة وأصحابه - انتهى. واستدل أبوحنيفة على الوجوب بما روى مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعاً: إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله! أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار، قالوا الأصل أن الحكيم إذا ذكر من غير الحكيم كلاماً، ولم يعقبه بالإنكار دل ذلك على أنه صواب، فكان في الحديث دليل على كون ابن آدم مأمور بالسجود. ومطلق الأمر للوجوب، مع أن آي سجدة تفيده أيضاً؛ لأنها ثلاثة أقسام: ١- قسم فيه الأمر الصريح به كقوله: {فاسجدوا لله واعبدوا} [٥٣: ٦٢] . {واسجد واقترب} [٩٦: ١٩] . ٢- وقسم تضمن حكاية استنكاف الكفرة حيث أمروا به، وهو قوله: {فمالهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} [٨٤: ٢٠، ٢١] وقوله: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً} [٢٥: ٦٠] ٣- وقسم فيه حكاية فعل الأنبياء السجود، والثناء على الذين يخرون سجداُ عند سماع كلامه، وكل من الامتثال ومخالفة الكفرة والاقتداء واجب إلا أن يدل دليل على عدم لزومه، لكن دلالتها ظنية، فكان الثابت الوجوب لا الفرض، كذا في البرهان، وفتح القدير وغيرهما. وأجيب بأن كون الأمر في الآيتين، وفي قول إبليس للوجوب ممنوع، بل هو محمول على الندب. والدليل على ذلك حديث زيد بن ثابت الآتي قال: قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {والنجم} ، فلم يسجد. والظاهر أن ترك السجدة حينئذٍ كان لبيان الجواز كما جزم به الشافعي في اختلاف الحديث؛ لأنه لو كان واجباً لأمره بالسجود ولو بعد ذلك. ويدل عليه أيضاً ما رواه أبوداود وابن خزيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>