للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

١٠٤٦- (١) عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها)) وفي رواية،

ــ

١٠٤٦- قوله: (لا يتحرى) بثبوت حرف العلة المقتضية لخبرية الفعل، وكونه سابقة حرف نفي، لكنه بمعنى النهي. وقال في شرح التقريب (ج٢ ص١٨٢) لا يتحرى بإثبات الألف في الصحيحين والموطأ والوجه حذفها لتكون علامة للجزم لكن الإثبات إشباع، فهو كقوله تعالى: {إنه من يتقي ويصبر} ، فيمن قرأ بإثبات الياء. (فيصلي) بالنصب جواباً للنهي المتضمن لئلا يتحرى كالمضارع المقرون بالفاء في قوله: ما تأتينا فتحدثنا، فالمراد النهي عن التحري والصلاة كليهما. ويجوز الرفع من جهة النحو، أي لا يتحرى أحدكم الصلاة في وقت كذا، فهو يصلي فيه. وقال الطيبي: لا يتحرى هو نفي بمعنى النهي. و"يصلي" هو منصوب بأنه جوابه. ويجوز أن يتعلق بالفعل المنهي أيضاً، فالفعل المنهي معلل في الأول والفعل المعلل منهى في الثاني. والمعنى على الثاني لا يتحرى أحدكم فعلاً ليكون سبباً لوقوع الصلاة في زمان الكراهة، وعلى الأول كأنه قيل لا يتحرى، فقيل: لم ينهانا عنه، فأجيب عنه خيفة أن يصلي أن الكراهة. وقال ابن خروف: يجوز في "فيصلي" ثلاثة أوجه: الجزم على العطف، أي لا يتحر ولا يصل، والرفع على القطع. أي لا يتحرى، فهو يصلي، والنصب على جواب النهي. والمعنى لا يتحرى مصلياً- انتهى. قال التوربشتي: يقال فلان يتحرى الأمر أي يتوخاه ويقصده، ومنه قوله تعالى: {فأولئك تحروا رشداً} ، أي توخوا وعمدوا، ويتحرى فلان الأمر إذا طلب ما هو الأحرى. والحديث يحتمل الوجهين، أي لا يقصد الوقت الذي تطلع فيه الشمس، أو تغرب فيصلي فيه، أو لا يصلي في هذا الوقت ظناً منه أنه قد عمل بالأحرى. والأول أبلغ وأوجه في المعنى المراد - انتهى. (عند طلوع الشمس ولا عند غروبها) قال الحافظ: اختلف في المراد بالحديث، فمنهم من جعله تفسيراً للحديث السابق. (أي لحديث عمر: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب) ومبيناً للمراد به، فقال: لا تكره الصلاة بعد الصبح ولا بعد العصر إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبها. وإلى ذلك جنح بعض أهل الظاهر، وقواه ابن المنذر، واحتج له بما رواه مسلم من طريق طاووس عن عائشة قالت: وهم ابن عمر، إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها. ويدل على ذلك أيضاً قول ابن عمر أصلي، كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحداً يصلي بليل أو نهار ما شاء غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها. وربما قوى ذلك بعضهم بحديث: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها الأخرى، فأمر بالصلاة حينئذٍ، فدل على أن الكراهة مختصة بمن قصد الصلاة في ذلك الوقت لا من وقع له ذلك اتفاقاً، ومنهم من جعله نهياً مستقلاً، وكره الصلاة في تلك الأوقات،

<<  <  ج: ص:  >  >>