للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحسن بسط، وإن كان فيه نوع من القصور في بيان مسالك الأئمة، وسبب اختلافهم، مع عدم ذكر مذهب الحنابلة رأساً، كما لا يخفى على من له إطلاع على كتب الفروع. قال القاضي البيضاوي: اختلفوا في جواز الصلاة بعد الصبح والعصر، وعند الطلوع والغروب، وعند الاستواء. فذهب داود إلى الجواز مطلقاً. وقد روي عن جمع من الصحابة، فلعلهم لم يسمعوا نهيه عليه السلام، أو حملوه على التنزيه دون التحريم. قلت: المحكي عن داود أنه ادعى كون أحاديث النهي منسوخة، وبذلك جزم ابن حزم، قال: وخالفهم الأكثرون، فقال الشافعي: لا يجوز فيها فعل صلاة لا سبب لها من النوافل. وأما الذي له سبب أي متقدم كالمنذورة والجنازة وتحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وقضاء الفائتة، فرضاً كانت أو نفلاً. فجائز لحديث كريب عن أم سلمة الآتي، واستثني أيضاً مكة واستواء الجمعة لحديثي جبير بن مطعم وأبي هريرة الآتيين في الفصل الثاني. وقال أبوحنيفة: يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة، سوى عصر يومه، ويحرم المنذورة والنافلة بعد صلاة الصبح. والعصر دون المكتوبة الفائتة وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة. وقال مالك: يحرم وقت طلوع والغروب، وبعد صلاة الصبح وبعد العصر، النوافل مطلقاً ذات سبب كانت أو غير ذات سبب دون الفرائض، إلا صلاة الجنازة وسجدة التلاوة بعد صلاة الصبح قبل الإسفار، وبعد صلاة العصر قبل الاصفرار، واستثنى وقت الاستواء فالأوقات المنهي عنها عنده أربعة الطلوع والغروب، وبعد صلاة الصبح، وبعد العصر. وقال أحمد: الأوقات المنهي عنها خمسة. (كما هي عند الشافعي وأبي حنيفة) ، قال يحرم فيها النوافل دون الفرائض والصلاة المنذورة وتحية المسجد حال خطبة الجمعة وركعتي الطواف، فرضاً كان الطواف أو نفلاً - انتهى بزيادة وأيضاًح. والراجح عندي أن الأوقات المنهي عنها خمسة، كما ذهب إليه الشافعي وأحمد وأبوحنيفة، ويستثنى منها استواء الجمعة ومكة، كما قال به الشافعي: قال الشوكاني في الدرر البهية: أوقات الكراهة في غير مكة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند الزوال غير يوم الجمعة، وبعد العصر حتى تغرب- انتهى. وأما الصلوات التي يتعلق النهي عنها فيها، فسيأتي بيان ما هو الراجح في ذلك. تنبيه: قال بعض العلماء المراد بحصر الكراهة في الأوقات الخمسة انما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية وإلا فقد ذكروا أنه يكره التنفل وقت إقامة الصلاة ووقت صعود الإمام لخطبة الجمعة، وفي حالة الصلاة المكتوبة، جماعة لمن لم يصلها، وعند المالكية كراهة التنفل بعد الجمعة حتى ينصرف الناس. وعند الحنفية كراهة التنفل قبل صلاة المغرب، وسيأتي ثبوت الأمر به. (في باب السنن) ، ذكره الحافظ في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>