للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

٢١٠٣- (١) عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)) . رواه البخاري.

٢١٠٤- (٢) وعن ابن عمر، قال: ((إن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر،

ــ

واختلفوا هل يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أنه قامها وإن لم يظهر له شيء أو يتوقف ذلك على كشفها له وإلى الأول ذهب الطبري والمهلب وابن العربي وجماعة وإلى الثاني ذهب الأكثر قيل، ويدل له ما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: من يقم ليلة القدر فيوافقها، وفي حديث عبادة عند أحمد والطبراني من قامها إيماناً واحتساباً ثم وفقت له. قال النووي: معنى يوافقها أي يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها وقال في شرح التقريب: معنى توفيقها له أو موافقته لها أن يكون الواقع إن تلك الليلة التي قامها بقصد ليلة القدر هي ليلة القدر في نفس الأمر وإن لم يعلم هو ذلك، وما ذكر النووي من أن معنى الموافقة العلم بأنها ليلة القدر مردود، وليس في اللفظ ما يقتضي هذا ولا المعنى يساعده-انتهى. وقال الحافظ: الذي يترجح في نظري ما قاله النووي ولا أنكر حصول الثواب الجزيل لمن قام لابتغاء ليلة القدر، وإن لم يعلم بها ولم توفق له، وإنما الكلام على حصول الثواب المعين الموعود به فليتأمل، وقد فرعوا على القول باشتراط العلم بها أنه يختص بها شخص دون شخص فتكشف لواحد ولا تكشف لآخر ولو كانا معاً في بيت واحد كذا ذكره القسطلاني: واختلفوا أيضاً هل لها علامة تظهر لمن وفقت له أم لا وسيأتي بسط القول في ذلك في شرح حديث زِرّ بن حبيش.

٢١٠٣- قوله: (تحروا) بفتح التاء والحاء والراء المهملتين أمر من التحري وفي رواية التمسوا وكل منهما بمعنى الطلب والقصد لكن معنى التحري أبلغ لكونه يقتضي الطلب بالجد والاجتهاد (ليلة القدر) قال في النهاية أي تعمدوا طلبها، والتحري القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول-انتهى. (في الوتر) أي في ليالي الوتر (من العشر الأواخر من رمضان) فيه دليل على أن ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها. وقد تقدم أنه القول الراجح (رواه البخاري) أخرجه أيضاً مسلم لكن ليس عنده لفظ الوتر، وهكذا أخرجه أحمد والترمذي، وأخرجه مالك في الموطأ مرسلاً فكان حق المصنف أن يقول متفق عليه، واللفظ للبخاري فإن قوله في الوتر لم يخرجه مسلم بل انفرد به البخاري، وأخرج البيهقي الروايتين (ج٤ص٣٠٧- ٣٠٨) .

٢١٠٤- قوله: (إن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال الحافظ: لم أقف على تسمية أحد من هؤلاء (أروا) بضم الهمزة على بناء المفعول من الإرادة وأصله اُرِيُوا (ليلة القدر) أي أراهم الله ذلك في المنام (في السبع الأواخر) جمع آخره بكسر الخاء. قال الحافظ: أي قيل لهم في المنام إنها في السبع الأواخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>