فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم، قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) . متفق عليه.
ــ
وقال القسطلاني: ظاهر الحديث إن رؤياهم كانت قبل دخول السبع الأواخر لقوله فليتحرها في السبع الأواخر، ثم يحتمل أنهم رأوا ليلة القدر وعظمتها وأنوارها ونزول الملائكة فيها، وإن ذلك كان في ليلة من السبع الأواخر ويحتمل إن قائلاً قال لهم هي في كذا وعين ليلة من السبع الأواخر ونسيت أو قال إن ليلة القدر في السبع فهي ثلاث احتمالات. (أرى) بفتحتين أي أعلم (رؤياكم) كذا جاء بالأفراد، والمراد الجمع أي رؤاكم لأنها لم تكن رؤيا واحدة، فهو مما عاقب الأفراد فيه الجمع لا من اللبس، وقول السفاقسي إن المحدثين يروونه بالتوحيد وهو جائز، وأفصح منه رؤاكم جمع رؤيا ليكون جمعاً في مقابلة جمع، فيه نظر لأنه بإضافته إلى ضمير الجمع علم منه التعدد بالضرورة وإنما عبر بأرى لتجانس رؤياكم، ومفعول أرى الأول رؤياكم والثاني قوله (قد تواطأت) بالهمزة أي توافقت وزناً ومعنى. قال القاري: وفي نسخة صحيحة قد تواطت بلا همزة. قيل أصله توطأت بالهمزة فقلبت الفا وحذفت. وقال ابن التين روى بغير همز، والصواب بالهمز وأصله أن يطأ الرجل برجله مكان وطأ صاحبه. وقد رواه بعضهم بالهمزة وهو الأصل. وقال النووي: قوله "تواطت" أي توافقت وهكذا هو في النسخ بطاء ثم تاء وهو مهموز، وكان ينبغي أن يكتب بألف بين الطاء والتاء صورة للهمزة ولا بد من قراءته مهموزاً. قال الله تعالى:{ليواطئوا عدة ما حرم الله}[والتوبة: ٣٧]-انتهى. وقال في المصابيح، يجوز ترك الهمز (في) رؤيتها في ليالي (السبع الأواخر فمن كان متحريها) أي طالبها وقاصدها (فليتحرها في السبع الأواخر) من رمضان من غير تعيين يحتمل أن يكون المراد بها أواخر الشهر أي السبع التي تلي آخر الشهر فيكون مبدأها من ليلة أربع وعشرين على كون الشهر ثلاثين وهو الأصل، ويحتمل أن يكون المراد السبع بعد العشرين. قيل: وهذا أولى وأمثل لتناوله إحدى وعشرين وثلاثاً وعشرين ولتحقق هذا السبع يقيناً وابتداء بخلاف الأول وإن كان بحسب الظاهر هو المتبادر، ولا يدخل ليلة التاسع والعشرين على الثاني، وتدخل على الأول. وقيل: المراد بها السبع الرابع من الشهر فيكون أولها ليلة الثانية والعشرين، وآخرها ليلة الثامن والعشرين فإن الحادية والعشرين آخر السبع الثالث من الشهر، وأول السبع الرابع إنما هو الثانية والعشرون، وعلى هذا فتدخل ليلة الثالث والعشرين، ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين. وقيل: المراد بها السبع التي أولها ليلة الثالث والعشرين لكون المحقق في الشهر تسعاً وعشرين يوماً. وقد رواه البخاري في كتاب التعبير من صحيحه من طريق آخر إن ناساً أروا ليلة القدر في السبع الأواخر، وإن ناساً أروا أنها في العشر الأواخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في السبع الأواخر.