للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ في الصوم: كأنه - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى المتفق عليه من الرؤيتين فأمر به، وقال في التعبير إفراد السبع داخلة في إفراد العشر فلما رأى قوم أنها في العشر وقوم أنها في السبع كانوا كأنهم توافقوا على السبع، فأمرهم بالتماسها في السبع لتوافق الطائفتين عليها، ولأنه أيسر عليهم. وقد رواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري عن سالم بلفظ: رأى رجل إن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها ولمسلم عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر بلفظ: من كان يلتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر، وجمع بين روايتي العشر والسبع بأن العشر للاحتياط منها، أو يحمل على تعدد الأمرين في عامين بأنه أعلم أنها في العشر. ثم اعلم أنها في السبع أو حض على العشر من به بعض القوة، وعلى السبع من لا يقدر على العشر، ويؤيد هذا ما روى أحمد من حديث علي مرفوعاً إن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي، ولمسلم من طريق عقبة بن حريث عن ابن عمر التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي. قال الحافظ: وهذا السياق يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع الأواخر أي كون المراد به أواخر الشهر، وفي هذا الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية ويستفاد منه أن توافق جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها كما تستفاد قوة الخبر من التوارد على الإخبار من جماعة. قال القسطلاني: ظاهر الحديث إن طلبها في السبع مستنده الرؤيا، وهو مشكل لأنه إن كان المعنى إنه قيل لكل واحد هي في السبع فشرط التحمل التمييز، وهم كانوا نياماً، وإن كان معناه إن كل واحد رأى الحوادث التي تكون فيها في منامه في السبع فلا يلزم منه أن تكون هي في السبع كما لو رؤيت حوادث القيامة في المنام في ليلة، فإنه لا تكون تلك الليلة محلاً لقيامها. وأجيب بأن الاستناد إلى الرؤيا إنما هو من حيث الاستدلال بها على أمر وجودي غير مخالف لقاعدة الاستدلال. والحاصل إن الاستناد إلى الرؤيا هنا في أمر ثبت استحبابه مطلقاً، وهو طلب ليلة القدر. وإنما ترجح السبع الأواخر بسبب الرؤى الدالة على كونها في السبع الأواخر، وهو الاستدلال على أمر وجودي لزمه استحباب شرعي مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي لا أنها ثبت بها حكم أو أن الاستناد إلى الرؤيا إنما هو من حيث إقراره صلى الله عليه وسلم كأحد ما قيل في رؤيا الأذان-انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الصوم وفي التعبير ومسلم في الصوم، وأخرجه أيضاً أحمد مطولاً ومختصراً في مواضع، ومالك بلاغاً مطولاً ومسنداً مختصراً والبيهقي (ج٤ص٣١١) مطولاً وأبوداود والدارمي مختصراًُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>