١٢١٤- (٢٠) عن مسروق، قال:((سألت عائشة: أي العمل كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت:
الدائم.
ــ
احتج به الأئمة الستة، وهو من أثبت أصحاب الأعمش، فتقبل وصله، لأنها زيادة ثقة، ولا يضره إرسال من أرسله. وأما دعوى عدم سماع أبي صالح من أبي هريرة، فمردودة، لأنه ادعاء محض، ويرده أيضاً تصحيح الترمذي لهذا الحديث، وهو من أئمة الشأن. وسكوت أبي داود ثم المنذري، وقول النووي: أسانيده صحيحة. الرابع أنه اختلف في حديث أبي هريرة هذا هل من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من فعله؟ فقد روى الترمذي وأبوداود وغيرهما من أمره. وروى ابن ماجه من فعله. وقد قال البيهقي: أن كونه من فعله أولى أن يكون محفوظاً. وقال ابن تيمية: حديث أبي هريرة ليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد ابن زياد وغلط فيه- انتهى. والجواب عنه أن وروده من فعله - صلى الله عليه وسلم - لا ينافي كونه وروده من قوله، فيكون عند أبي هريرة حديثان حديث الأمر به، وحديث ثبوته من فعله، على أن الكل يفيد ثبوت أصل الشرعية، فيرد القول بكراهته ونفي مشروعيته. الخامس أن ابن عمر لما سمع أبا هريرة يروي حديث الأمر به قال: أكثر أبوهريرة على نفسه. والجواب عنه أن ابن عمر سئل هل تنكر شيئاً مما يقول أبوهريرة؟ قال: لا، وأن أبا هريرة قال: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا له بالحفظ هذا. وقد أفاض القول في هذا المبحث العلامة العظيم آبادي في أعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر (ص١٤- ٢٠) فارجع إليه. (رواه الترمذي) وصححه. (وأبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. وقال النووي في شرح مسلم والشيخ زكريا الأنصاري في فتح العلام: إسناده على شرط الشيخين، وقال النووي في رياض الصالحين (٤٢٦) : أسانيده صحيحه. وقال الشوكاني: رجاله رجال الصحيح. وقد أفرط ابن تيمية في الرد على ابن حزم حتى زعم أن حديث أبي هريرة هذا باطل، وليس بصحيح لتفرد عبد الواحد بن زياد به، وفي حفظه مقال. قال الحافظ بعد ذكره: والحق أنه تقوم به حجة- انتهى. قلت: قول ابن تيمية هذا غلو منه وبعيد عن الصواب. والحق أن الحديث صحيح سنداً ومتناً، وعبد الواحد ثقة ثبت فلا يضر تفرده به، والله أعلم. والحديث أخرجه أيضاً أحمد وابن حزم في المحلي، وابن حبان، والبيهقي.
١٢١٤- قوله:(أي العمل) بالرفع. وفي رواية النسائي أي الأعمال. (كان أحب) بالنصب. (قالت: الدائم) بالرفع، لأنه خبر مبتدأ محذوف، أي هو الدائم. وقيل: بالنصب. قال الطيبي: أي العمل الذي يدوم عليه صاحبه ويستقر عليه عامله، ومن ثم أدخل حرف التراخي في قوله تعالى:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} [٤١: ٣٠)