قلت: فأي حين كان يقوم من الليل؟ قالت: كان يقوم إذا سمع الصارخ)) . متفق عليه.
١٢١٥- (٢١) وعن أنس، قال:((ما كنا نشاء أن نرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليل مصلياً إلا رأيناه، ولا نشاء أن نراه نائماً إلا رأيناه)) .
ــ
والمراد بالدوام الملازمة العرفية لا شمول الأزمنة، لأنه متعذر (فأي حين) بالنصب. وقيل: بالرفع. (كان يقوم) أي فيه. (من الليل) أي من أحيانه وأوقاته، ولم أجد هذا اللفظ أي قوله: من الليل في الصحيحين. وفي بعض النسخ للبخاري "في" أي حين كان يقوم. (قالت كان يقوم) أي فيصلي، ففي رواية: كان إذا سمع الصارخ قام فصلى. (إذا سمع الصارخ) أي الديك. قال النووي: هو المراد هنا باتفاق العلماء، وسمي بذلك لكثرة صياخه. وفي سيرة الحافظ العراقي المنظومة: أنه كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ديك أبيض. قال: كان عند النبي الديك أبيض له. كذا المحب الطبري نقله. قال الحافظ في الفتح: وقع في مسند في الطيالسي في هذا الحديث. الصارخ الديك، والصرخة الصحيحة الشديدة، وجرت العادة بأن الديك يصيح عند نصف الليل غالباً، قاله محمد بن ناصر. قال ابن التين: وهو موافق لقول ابن عباس نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل. وقال ابن بطال: الصارخ يصرخ عند ثلث الليل الأخير. والمراد بالدوام قيامه كل ليلة في ذلك الوقت لا الدوام المطلق- انتهى. قلت: لعل صراخ الديك في الليل يختلف باختلاف البلاد، وفي بلادنا يصيح في الثلث الأخير، بل في السدس الأخير. وروى أحمد وأبوداود وابن ماجه عن زيد بن خالد الجهني مرفوعاً: لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة، وإسناده جيد. وفي لفظ: فإنه يدعوا إلى الصلاة، وليس المراد أن يقول بصراخه حقيقة الصلاة، بل العادة جرت أنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر، وعند الزوال فطرة فطره الله عليها، فيذكر الناس بصراخة الصلاة، قاله القسطلاني. وفي الحديث الحث على المداومة على العمل وإن قل. وفيه الاقتصاد في العبادة وترك التعمق فيها؛ لأن ذلك أنشط والقلب به أشد انشراحاً. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في الرقاق، إلا قوله "من الليل" فلم أجده عنده ولا عند مسلم. والظاهر أن المصنف نسب هذا اللفظ إلى الشيخين تبعاً للجزري. والحديث أخرجه أيضاً أبوداود والنسائي والبيهقي (ج٣ ص٣، ١٧) .
١٢١٥- قوله:(ما كنا) ما نافية. (نشاء أن نرى) أي نبصر. (في الليل) أي في وقت من أجزاء الليل. (مصلياً) حال من المفعول. (إلا رأيناه) أي مصلياً. (ولا نشاء أن نراه نائماً) أي في الليل. (إلا رأيناه) أي نائماً. قال الطيبي: المعنى ما كنا أردنا أمرا منهما إلا وجدنا عليه يعني أن أمره كان قصداً لا إفراطاً ولا تفريطاً- انتهى. يعني ينام بالليل ويقوم، ولا يقوم الليل كله ولا ينام فيه كله هذا، ويحتمل أن يكون المراد أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يقوم