للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................

ــ

حينئذٍ أن يصلي صلاة الخوف راكباً، فقد روي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله يوم الخندق، فشغلنا ... ، الحديث، وفي آخره: وذلك قبل أن ينزل عليه {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} ، أخرجه أحمد والنسائي والطيالسي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبويعلى والبيهقي في السنن والطحاوي، وقيل: لتعذر الطهارة، وقيل: لأنه كان في حضر، وحكم صلاة الخوف أن تكون في السفر، قاله ابن الماجشون. وقيل: أخرها عمداً؛ لأنه كانت قبل نزول صلاة الخوف، ذهب إليه الجمهور، كما قال ابن رشد، وبه جزم ابن القيم في الهدي، والحافظ في الفتح، والقرطبي في شرح مسلم، وعياض في الشفاء، والزيلعي في نصب الراية، وابن القصار. وهذا هو الراجح عندنا. الثالث: أن جمهور العلماء متفقون على أن حكمها باقٍ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحكي عن المزني من الشافعية أنها منسوخة حيث لم يصلها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فتأخيره في غزة الخندق دال على نسخ صلاة الخوف، قال ابن القصار: هذا قول من لا يعرف السنن؛ لأن صلاة الخوف نزلت بعد الخندق، وحكي عن أبي يوسف: أنها كانت تختص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم ... } الاية [٤: ١٠٢] . جوزت بشرط كونه - صلى الله عليه وسلم - فيهم فإذا خرج من الدنيا انعدم الشرط؛ ولأنها لما فيها من كثرة ما ينافي الصلاة، كالذهاب والمجيء والأعمال الكثيرة شرعت لرغبة الناس إلى الصلاة خلفه - صلى الله عليه وسلم - وميل كل أحد إلى بركة الاقتداء به، وأما بعده - صلى الله عليه وسلم - ففيم يرغب، فصلاة الخوف بجماعة واحدة، وإمام واحد مقصورة على عهده - صلى الله عليه وسلم -، وأجيب عن الآية بأنها قيد واقعي نحو قوله تعالى: إن خفتم في صلاة المسافر وتخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب لا يوجب تخصيصه بالحكم ما لم يقم دليل على اختصاصه به؛ ولأن الصحابة أنكروا على مانعي الزكاة قولهم إن الله تعالى خص نبيه بأخذ الزكاة بقوله: {خذ من أموالهم صدقة ... } [٩: ١٠٣] ، وقال ابن العربي: شرط كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده أي بين لهم بفعلك؛ لأنه أوضح من القول – انتهى. وأيضاً ما ثبت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت في حقنا ما لم يقم دليل على اختصاصه به، فإن الله تعالى أمر باتباعه، وأيضاً فإن الصحابة أجمعوا على صلاة الخوف، فروي أن علياً صلى صلاة الخوف ليلة الهرير، وصلاها أبوموسى الأشعري بأصبهان بأصحابه، وروي أن سعيد بن العاص كان أميراً على الجيش بطبرستان، فقال: أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقدمه فصلى بهم، قال الزيلعي: دليل الجمهور وجوب الاتباع والتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ، والأفعال المنافية إنما هي لأجل الضرورة، وهي موجودة بعده - صلى الله عليه وسلم -، وقد وردت صلاة الخوف من قوله – عليه الصلاة والسلام -، كما رواه البخاري في صحيحه في تفسير سورة البقرة في باب قوله: {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} [٢: ٢٣٩] بسنده عن نافع أن عبد الله بن عمر كان سئل عن صلاة الخوف قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>