٩١١- (١٨) وعن طلق بن علي الحنفي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين خشوعها وسجودها)) . رواه أحمد.
ــ
وأما أهل اللغة فالإقعاء عندهم أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض كما يقعى الكلب، وهذا هو صحيح، وهو أشبه بكلام العرب، وليس الإقعاء في السباع إلا كما قلناه- انتهى. والزمخشري حين فسر الحديث في النهي في كتابي "الفائق" و"الأساس" إنما فسر الإقعاء بما فسره به أهل اللغة فقط، واختار الجمع المذكور بعض الأئمة الحنفية أيضاً كابن الهمام وغيره. وأما عامة الحنفية فكرهوا الإقعاء مطلقاً، لكن قالوا: كراهة إقعاء الكلب تحريمية، وكراهة الثاني تنزيهه، وحملوا حديث ابن عباس على العذر، أو بيان الجواز. وفيه: أنه لو كان الإقعاء بالمعنى الثاني مكروهاً لم يقل ابن عباس: هي سنة نبيكم، ولم يفعله العبادلة وغيرهم من الصحابة. (رواه الترمذي) وأخرجه أيضاً ابن ماجه من طريق الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف جداً، رماه الشعبي، وأبوإسحاق، وغيرهما بالكذب، ووثقه ابن معين ولم يتابعه أحد على ذلك بل الجمهور اتفقوا على تضعيفه، وكان عالماً بالفقه، والحساب، والفرائض. وفي الباب عن أنس عند ابن ماجه، وقد ذكرنا لفظه، وفيه العلاء أبومحمد، قال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث. وعن سمرة، وأبي هريرة عند أحمد، وعن جابر بن سمرة، وأنس عند البيهقي. قال النووي: أسانيدها كلها ضعيفة.
٩١١- قوله:(الحنفي) بفتح النون نسبة إلى بني حنيفة قبيلة. (لا يقيم فيها صلبه) أي في القومة، بيانها. (بين خشوعها) أي ركوعها. (وسجودها) وإنما سمى الركوع خشوعاً، وهو هيئة الخاشع، تنبيهاً على أن القصد الأولى من تلك الهيئة الخشوع والانقياد، قاله الطيبي. قلت: وذكر الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد نقلاً عن أحمد، والطبراني بلفظ: لا ينظر الله عزوجل إلى صلاة عبد لا يقيم صلبه فيما بين ركوعها وسجودها. والحديث يدل على وجوب الطمأنينة في الاعتدال من الركوع، وإليه ذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو الحق. (رواه أحمد) وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير. قال الهيثمي والمنذري: رجاله ثقات، وفي الباب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده. أخرجه أحمد بإسناد جيد، قاله المنذري. وقال الهيثمي: رواه أحمد من رواية عبد الله بن زيد الحنفي، عن أبي هريرة، ولم أجد من ترجمه- انتهى. قال الحافظ في تعجيل المنفعة: وهم الهيثمي في تسمية عبد الله بن زيد، وإنه عبد الله بن بدر، وهو معروف موثق، ولكنه قال: إن عبد الله بن بدر لا يروي عن أبي هريرة إلا بواسطة.