للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩١٢- (١٩) وعن نافع، أن ابن عمر كان يقول: ((من وضع جبهته بالأرض فليضع كفيه على الذي وضع عليه جبهته، ثم إذا رفع فليرفعهما، فإن اليدين تسجدان

ــ

٩١٢- قوله: (من وضع جبهته) أي في السجود. (فليضع كفيه) أيضاً. (على الذي وضع) بصيغة الماضي، وفي الموطأ "يضع" بلفظ المضارع. (عليه جبهته) أي على المكان الذي وضع جبهته عليه. قيل: يعني بقربه. (ثم إذا رفع) أي جبهته. (فليرفعهما) أي الكفين أيضاً. (فإن اليدين) أي الكفين. (تسجدان) تعليل لوضع الكفين على الأرض كما وضع الجبهة عليها. وقيل: تعليل لوضع الكفين والرفع كليهما، وإشارة إلى أن سجدة الوجه كما أنه لا بد لها من رفع الرأس كذلك سجدة الكفين لا بد لهما من رفعهما. واختلف فيمن لم يرفع يديه عن الأرض بين السجدتين، ففي قول للمالكية: يبطل صلاته، قال الزرقاني: لأن رفعهما فرض، إذ لا يعتدل من لم يرفعهما. وقال في شرح الكبير: والمعتمد صحة صلاة من لم يرفع يديه عن الأرض حال الجلوس بين السجدتين حيث اعتدل- انتهى. وفي قول ابن عمر هذا إشارة إلى حديث العباس: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه. أخرجه الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه، وغيرهم. وإلى حديث ابن عباس: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم. وفيه أيضاً إشارة إلى أنه يستحب أن يستقبل بأصابعه القبلة. واعلم أنه اختلف في تعيين المقصود من قول ابن عمر هذا، فقيل: أراد بيان وجوب وضع اليدين على الأرض للسجود، وقد تقدم أن القول الراجح هو وجوب وضع الأعضاء السبعة جميعاً، وفيها اليدان فيجب وضعهما. وقيل: أراد بيان موضع اليدين في السجود، وأنهما تكونان قريباً من الوجه، وإلى هذا المعنى أشار محمد في موطئه حيث قال بعد ذكر هذا الأثر: وبهذا نأخذ، ينبغي للرجل إذا وضع جبهته ساجداً أن يضع كفيه بحذاء منكبيه- انتهى. والمسألة مختلفة فيها، فكل من ذهب إلى أن الرفع في افتتاح الصلاة إلى المنكبين، جعل وضع اليدين في السجود حيال المنكبين، ويؤيده ما روى البخاري وغيره عن أبي حميد الساعدي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع اليدين حذو المنكبين. ومن ذهب في الرفع في الافتتاح إلى حيال الأذنين جعل وضعهما في السجود حيال الأذنين، وهكذا روي في مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعله. قال ابن الهمام: لو قال قائل: إن السنة أن يفعل أيهما تيسر جمعاً للمرويات، بناء على أنه - عليه السلام - كان يفعل هذا أحياناً، وهذا أحياناً، إلا أن بين الكفين أفضل؛ لأن فيه تلخيص المفاجأة المسنونة ما ليس في الآخر، كان حسنا. وقيل: أراد بيان كشف اليدين وإبرازهما في السجود، وإليه مال الزرقاني كما يظهر من شرحه، ويؤيد هذا القول ما رواه مالك قبل هذا عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه. قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد، وأنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء، ويؤيده أيضاً ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي هند، قال: قال ابن عمر: إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الأرض، وهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>