إلى فقير ونحوه غير هاشمي. ثم لها ركن وسبب وشرط، وحكم حكمة، فركنها جعلها الله تعالى بالإخلاص وسببها المال. وشرطها نوعان: شرط السبب، وشرط من تجب عليه، فالأول ملك النصاب الحولي، والثاني العقل والبلوغ والحرية. وحكمها سقوط الواجب في الدنيا، وحصول الثواب في الآخرة. وحكمتها كثيرة: منها التطهير من أدناس الذنوب والبخل، ومنها ارتفاع الدرجة والقربة، ومنها الإحسان إلى المحتاجين، ومنها استرقاق الأحرار، فإن الإنسان عبيد الإحسان- انتهى. قال الحافظ: هو جيد، لكن في شرط من تجب عليه الاختلاف- انتهى. وإن شئت الوقوف على مصالح فرضية الزكاة والحكم المرعية في وجوبها في الأصناف الأربعة دون غيرها من المال، واختلاف مقاديرها وتعيين النصاب في أنواع المال، فعليك أن ترجع إلى كتب أسرار الشريعة مثل حجة الله البالغة (ج٢:ص٣٠،٢٩) للشاه ولي الله الدهلوي، والهدى (ج١:ص١٥٢،١٥١) والإعلام (ج١:ص١٨٢، ١٨٣) للإمام ابن القيم. وأسرار الشريعة الإسلامية للشيخ إبراهيم أفندي. وأعلم أنه اختلف في أول وقت فرض الزكاة، فذهب الأكثر إلى أنه وقع بعد الهجرة، وقال ابن خزيمة في صحيحة: إن فرضها كان قبل الهجرة. واحتج بما أخرجه من حديث أم سلمة في قصة هجرتهم إلى الحبشة، وفيها أن جعفر بن أبي طالب قال للنجاشي في جملة ما أخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم: ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. قال الحافظ: في استدلاله بذلك نظر، لأن الصلوات الخمس لم تكن فرضت بعد ولا صيام رمضان، فيحتمل أن تكون مراجعة جعفر لم تكن في أول ما قدم على النجاشي، وإنما أخبره بذلك بعد مدة قد وقع فيها ما ذكر من قصة الصلاة والصيام وبلغ ذلك جعفراً، فقال: يأمرنا بمعنى يأمر به أمته، وهو بعيد جداً. وأولى ما حمل عليه حديث أم سلمة هذا إن سلم من قدح في إسناده: أن المراد بقوله يأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام أي في الجملة ولا يلزم من ذلك أن يكون المراد بالصلاة والصلوات الخمس، ولا بالصيام صيام رمضان، ولا بالزكاة هذه الزكاة المخصوصة ذات النصاب والحول-انتهى. واختلف الأولون فقيل: كان فرضها في السنة الثانية قبل فرض رمضان، أشار إليه النووي في الروضة، وجزم ابن الأثير في التاريخ بأن ذلك كان في التاسعة. قال الحافظ: وفيه نظر، لأنها ذكرت في حديث ضمام بن ثعلبة، وفي حديث وفد عبد القيس، وفي عدة أحاديث، وكذا في مخاطبة أبي سفيان مع هرقل، وكانت في أول السابعة. وقال فيها يأمرنا بالزكاة، ووقع في تاريخ الإسلام في السنة الأولى فرضت الزكاة. قلت: قال الحافظ ابن كثير في تفسير المزمل تحت قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}[المزمل:٢٠] وهذا يدل لمن قال بأن فرض الزكاة نزل بمكة لكن مقادير النصب والمخرج لم تبين إلا بالمدينة- والله أعلم. وقال القاري: المعتمد أن الزكاة فرضت بمكة إجمالاً، وبينت بالمدينة تفصيلاً، جمعا بين الآيات التي تدل على