للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

واللسان، قال ابن الهمام وغيره من محققي الحنفية: إن التلفظ بالنية مع ذلك إنما يحسن لمن لا يجتمع عزيمة قلبه أما من اجتمعت عزيمته فلا يحسن له في جميع العبادات، بل هو بدعة - انتهى. وفى ((تحفة المحتاج)) من فروع الشافعية: المحرم أي مريد الإحرام ينوي بقلبه وجوبًا، لخبر ((إنما الأعمال بالنيات)) ولسانه ندبًا للإتباع، وعقبهما يلبي ندبًا فيقول: ((نويت الحج وأحرمت به لله تعالى، لبيك اللهم)) ، إلخ. قال الشرواني: قوله: ((ينوى بقلبه)) إلخ، أي دخوله في حج أو عمرة أو كليهما، وقوله: ((ولسانه ندبًا للإتباع)) إن أراد الإتباع في هذا أيضاً فقد ذكر المحقق ابن الهمام في شرحه على الهداية أنه لم يعلم أن أحدًا من الرواة لنسكه - صلى الله عليه وسلم - روى أنه سمعه - صلى الله عليه وسلم - يقول: نويت العمرة ولا الحج - انتهى. وفي شرح مختصر خليل لبهرام: ومما يستحب عند الإحرام ترك التلفظ بما يحرم به، وروى عن مالك كراهة التلفظ بذلك - انتهى. قلت: قد تواترت الروايات المصرحة بأنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم من ذي الحليفة وسمى وعين ما أحرم به من إفراد أو قران أو تمتع، واتفقت على تعيين النسك في التلبية الأولى التي تكون عند عقد الإحرام وإن اختلفت في نوعه، وصرحت أيضاً بأنه - صلى الله عليه وسلم - لبى عند ذلك كما ورد في الروايات، وقال: خذوا عني مناسككم، فعلينا أن نأخذ عنه من مناسكنا الإحرام والتلبية والتسمية، وهذا القدر هو الذي قام عليه الدليل، أما كون الإحرام شرطًا أو ركنًا وكون التلبية مسنونة أو مستحبة أو واجبة يصح الحج بدونها وتجبر بدم، وكذا كون الذكر الدال على تعظيم الله سوى التلبية مجزئًا والتلفظ بالنية بأن يقول: نويت العمرة، أو: نويت الحج، أو: نويت العمرة والحج، أو: اللهم إني أريد العمرة أو الحج، أو: اللهم إني أهل أو أحرم بكذا، فكل ذلك لم يرد فيه دليل خاص، والخير كله في إتباعه - صلى الله عليه وسلم -، فعلى كل من وصل إلى ميقاته ممن يريد الحج أو العمرة أن يحرم وينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده ويعزم عليه بقلبه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) ويشرع له التلفظ بما نوى كما نقل، فإن كانت نية العمرة قال: لبيك عمرة، أو: اللهم لبيك عمرة، وإن كانت نية الحج قال: لبيك حجًا، أو: اللهم لبيك حجًا. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك. ولا يشرع له التلفظ بما نوى إلا في الإحرام خاصة لوروده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما الصلاة والطواف والصيام وغير ذلك من العبادات فلا ينبغي له أن يتلفظ بشيء منها بالنية، لأن ذلك لم يثبت، ولو كان التلفظ بالنية مشروعًا لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأوضحه للأمة بفعله أو قوله، ولسبق إليه السلف الصالح، هذا والتلبية مصدر لبى أي قال: ((لبيك)) قال العيني: هي مصدر من لبى يلبى، وأصله لبب على وزن فعّل لا فعلل فقلبت الباء الثالثة ياء استثقالاً لثلاث باءات ثم قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وما قال صاحب التلويح من أن قولهم: لبى مشتق من لفظ لبيك كما قالوا: حمدل وحوقل، ليس بصحيح، ثم بسط في الرد والتعقب عليه، قال: ومعنى التلبية الإجابة، فإذا قال الرجل لمن دعاه: ((لبيك)) فمعناه أجبت لك فيما قلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>