للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

بإحرام، وقيل: هو زيارة مكان مخصوص وهو البيت العتيق في زمان مخصوص وهو أشهر الحج لعمل مخصوص وهو الطواف والسعي والوقوف محرمًا وهو فرض بالكتاب والسنة والإجماع وجاحده كافر عند الكل بلا نزاع، وقال الحافظ: وجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة، وقال ابن قدامة: والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع وأما سبب الحج فهو البيت لأنه يضاف إليه ولذا لا يجب في العمرة إلا مرة واحدة لعدم تكرار السبب، قال الحافظ: أجمعوا على أنه لا يتكرر إلا لعارض كالنذر - انتهى. وفي شرح الإقناع: وكالقضاء عند إفساد التطوع، وأما ما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه والطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا ((يقول الله تبارك وتعالى: إن عبدًا صححت له جسمه وأوسعت له في رزقه يأتي عليه خمس سنين لا يفد إليَّ لمحروم)) فهو محمول على الندب يدل على ذلك حديث ابن عباس الآتي في الفصل الثاني: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع واختلف هل هو على الفور أو التراخي فقال بالأول مالك وأحمد وأبو يوسف والمزني من أصحاب الشافعي، وقال بالثاني الشافعي والثوري والأوزاعي ومحمد بن الحسن ونقله الماوردي عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس، واختلفت الرواية فيه عن أبي حنيفة قال ابن قدامة: من وجب عليه الحج وأمكنه فعله وجب عليه على الفور ولم يجز له تأخيره، أي فيأثم إن أخره بلا عذر وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، وقال الشافعي: يجب الحج وجوباً موسعاً وله تأخيره لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّر أبا بكر على الحج وتخلف بالمدينة لا محاربًا ولا مشغولاً بشيء وتخلف أكثر الناس قادرين على الحج، ولأنه إذا أخره ثم فعله في السنة الأخرى لم يكن قاضيًا له دل على أن وجوبه على التراخي، ثم بسط ابن قدامة في الاستدلال على وجوبه على الفور، والجواب عما استدل به القائلون بالتراخي، وقال النووي في مناسكه: إذا وجدت شرائط الوجوب وجب على التراخي فله تأخيره ما لم يخش العضب فإن خشيه حرم عليه التأخير على الأصح، وإذا أخر فمات تبين أنه مات عاصيًا على الأصح لتفريطه، وقال الزبيدي في شرح الإحياء (ص) : اختلف فيه عند أصحابنا فقال أبو يوسف: هو في أول أوقات الإمكان فمن أخره عن العام الأول أثم، وهو أصح الروايتين عن أبي حنيفة كما في المحيط والخانية وشرح المجمع، وفي القنية أنه المختار. قال القدوري: وهو قول مشائخنا وبالتراخي قال محمد. لكن جوازه مشروط بأن لا يفوته حتى لو مات ولم يحج أثم عنده أيضًا، ووقت الحج عند الأصوليين يسمى مشكلاً لوجهين. الوجه الأول أنه يشبه المعيار، لأنه لا يصح في عام واحد إلا حج واحد، ويشبه الظرف لأن أفعاله لا تستغرق أوقاته. والوجه الثاني أن أبا يوسف لما قال بتعيين أشهر الحج من العام الأول جعله كالمعيار ومحمد لما قال بعدمه جعله كالظرف ولم يجزم كل منهما بما قال فإن أبا يوسف لو جزم بكونه معيارًا لقال من أخره عن العام الأول يكون قضاء لا أداء مع أنه لا يقول به، بل يقول إنه يكون أداء، ولقال إن التطوع في العام الأول لا يجوز مع أنه لا يقول به بل يقول إنه يجوز، وإن محمدًا لو جزم بكونه ظرفًا لقال إن من أخره عن العام الأول لا يأثم أصلاً لا في مدة حياته ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>