للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

في آخر عمره مع أنه لا يقول به بل يقول: إن مات ولم يحج أثم في آخر عمره فحصل الإشكال، ثم إن القائل بالفور لا يجزم بالمعيارية، والقائل بالتراخي لم يجزم بالظرفية بل كل منهما يجوز الجهتين لكن القائل بالفور يرجح جهة المعيارية ويوجب أداءه في العام الأول حتى لو أخره عنه بلا عذر أثم لتركه الواجب لكن لو أداه في العام الثاني كان أداء لا قضاء، والقائل بالتراخي يرجح جهة الظرفية حتى لو أداه بعد العام الأول لا يأثم بالتأخير لكن لو أخره فمات ولم يحج أثم في آخر عمره، وقال بعض أصحابنا المتأخرين: والمعتمد أن الخلاف في هذه المسألة ابتدائي فأبو يوسف عمل بالاحتياط لأن الموت في سنته غير نادر فيأثم، ومحمد حكم بالتوسع لظاهر الحال في بقاء الإنسان - انتهى. قال الشوكاني في السيل الجرار (ج٢ ص١٥٩) : أما الخلاف في كون الحج على الفور أو التراخي فمرجعه ما وقع في الأصول من الخلاف في صيغة الإيجاب هل هي للفور أو للتراخي، وقد دل على الفور عند الاستطاعة الأحاديث الواردة في الوعيد لمن وجد زادًا ولم يحج وهي وإن كان فيها مقال فمجموع طرقها منتهض. واستدل القائلون بالتراخي بما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - من تأخير حجه إلى سنة عشر مع كون فرض الحج نزل في سنة خمس أو ست على خلاف في ذلك - انتهى. قلت: استدل لأحمد ومالك ومن وافقهما بقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (- ٢: ١٩٦) والأمر يقتضي الفور، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - تعجلوا الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له. وأخرجه أحمد، والبيهقي من حديث ابن عباس، وبما سيأتي في الفصل الثاني من حديث ابن عباس ((من أراد الحج فليعجل)) ومن حديث علي ((فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا)) وفي الفصل الثالث من حديث أبي أمامة ((من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة)) ألخ وبقوله صلى الله عليه وسلم ((حجوا قبل أن لا تحجوا)) الحديث أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة، وارجع للجواب عن ذلك إلى القرى لقاصد أم القرى (ص ٣٧) وإلى الفتح الرباني (ج١١ ص٢١) وكيف ما كان الأمر التسارع إلى أدائه مطلوب والأحوط هو التعجيل للمستطيع بقدر الإمكان لأن الأجل غير معلوم وحينئذ يشكل تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجه إلى العاشرة مع فرضيته قبل ذلك سنة خمس أو ست أو سبع أو ثمان على اختلاف في ذلك والقائلون بالفور أشد احتياجًا إلى الاعتذار عن ذلك، والتخلص من هذا الإشكال وقد أجيب بأنه اختلف في الوقت الذي فرض فيه الحج على أقوال ومن جملتها أنه فرض سنة تسع حكاه النووي في الروضة وصححه القاضي عياض والقرطبي، ومنها أنه تأخر نزوله إلى أواخر تسع أو إلى سنة عشر حكاه العيني عن أمام الحرمين، وبه جزم ابن القيم في الهدي (ج١ ص١٨٠) ، وعلى هذا فلا تأخير لأنه لما فرض الحج بقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (- ٣: ٩٧) في أواخر السنة التاسعة وهي سنة الوفود أو في العاشرة بادر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحج من غير تأخير، وأما قوله تعالى:

{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (- ٢: ١٩٦) فإنه وإن نزل سنة ست عام الحديبية فليس فيه فريضة الحج وإنما فيه الأمر بإتمامه وإتمام العمرة بعد الشروع فيها وذلك لا يقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>