للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ربقة الإسلام من عنقه)) رواه أحمد، وأبوداود.

١٨٦- (٤٧) وعن مالك بن أنس مرسلاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله))

ــ

(ربقة الإسلام) الربقة بالكسر في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الاسلام، أي حدوده وأحكامه، وأوامره ونواهيه. وقال الطيبي: استعيرت الربقة لانقياد الرجل واستسلامه لأحكام الشرع، وخلعها ارتداده، وخروجه عن طاعة الله وطاعة رسوله. وقال الخطابي: يقول من خرج عن طاعة إمام الجماعة أو فارقهم في الأمر المجتمع عليه فقد ضل وهلك، وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها، فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع - انتهى. وقيل: المعنى فقد نبذ عهد الله وأخفر ذمته التي لزمت أعناق العباد لزوم الربقة. قلت: الحديث قد استدل به على حجية الإجماع، وفيه نظر؛ فإنه ليس فيه إلا المنع من مفارقة الجماعة، فأين هذا من محل النزاع، وهو كون ما أجمعوا عليه حجة ثابتة شرعية، فتأمل. (رواه أحمد) (ج٥:ص١٨٠) ، (وأبوداود) في السنة، وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً الحاكم (ج١:ص١٢٧) ، وفي معنى الحديث عن حذيفة أخرج حديثه النسائي، وعن الحارث بن الحارث الأشعري أخرج حديثه الترمذي وصححه، وابن خزيمه وابن حبان في صحيحهما، والحاكم (ج١:ص١٢٧) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وعن أبي هريرة أخرج حديثه مسلم في صحيحه، والنسائي في المجتبى بلفظ: ((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، مات ميتة جاهلية)) . وعن ابن عباس عند الشيخين، وعن ابن عمر ومعاوية عند الحاكم.

١٨٦- قوله: (عن مالك بن أنس) إمام دار الهجرة صاحب المذهب (مرسلاً) المرسل على ما هو المشهور عند أهل الحديث هو: قول التابعي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، أو فعله. لكن المشهور في الفقة وأصوله أن قول من دون التابعي أيضاً يسمى مرسلاً سواء كان منقطعاً أو معضلاً. وبه قطع الخطيب، قال: إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الإستعمال ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهذا محمول على قول الخطيب، فإن الإمام مالكاً من أتباع التابعين، والأولى أن يقول معلقاً أو معضلاً مكان قوله: "مرسلاً"، فإن الحديث في المؤطا هكذا: مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تركت فيكم أمرين ... )) الخ. قال الزرقاني: مر أن بلاغه صحيح كما قال ابن عيينة، وقد أخرجه ابن عبد البر من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده (تركت فيكم) أي تارك فيكم بعدي (أمرين) أي شيئين كما في حديث أبي هريرة عند الحاكم. (ماتمسكتم) أي مدة تمسككم، وفى نسخة الزرقاني للمؤطا "ما مسكتم" بفتح الميم والسين الخفيفة من المسك، أي أخذتم وتعلقتم واعتصمتم (بهما) أي بالأمرين معاً. (كتاب الله وسنة رسوله) أي حديث رسوله، وهما منصوبان على البدلية، أو بتقدير أعنى، وقيل: بالرفع على الخبرية

<<  <  ج: ص:  >  >>