١٨٧- (٤٨) وعن غضيف بن الحارث الثمالي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة))
ــ
بتقدير "هما"، وفي المؤطا "سنة نبيه"، قال الزرقاني: فإنما الأصلان اللذان لا عدول عنهما، ولا هدى إلا منهما، والعصمة والنجاة لمن مسك بهما، واعتصم بحبلهما، وهما العرفان الواضح، والبرهان اللائح بين المحق إذا اقتفاهما، والمبطل إذا خلاهما، فوجوب الرجوع إليهما معلوم من الدين ضرورة، لكن القرآن يحصل العلم القطعي. وفي السنة تفصيل معروف - انتهى. ثم في العدول عن "سنتي" مبالغة في زيادة شرفه، والحث على التمسك بسنته بذكره السبب في ذلك، وهو خلافته عن الله وقيامه برسالته، وأن ماجاء به ليس إلا من تلك الرسالة لا من تلقاء نفسه. (رواه) أي مالك، وفيه أنه يصير التقدير: رواه مالك عن مالك (في المؤطا) فكان حق المصنف أن يقول هكذا في المؤطا. والحديث ذكره مالك بلاغاً في باب النهي عن القول في القدر من كتاب الجامع، وهو من بلاغات الإمام كما عرفت وقد تقدم بيان حكمها في كلام سفيان وابن عبد البر وابن فرحون والسيوطي. ثم المؤطا بالهمزة في آخره، وقيل: بالألف، بمعنى الممهد، المنقح، المسهل، المهيأ لغة. وهذا الحديث أخرجه الحاكم (ج١:ص٩٣) عن أبي هريرة مرفوعاً: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض)) . وأخرج الحاكم أيضاً (ج١:ص٩٣) والبيهقي عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في حجة الوداع فقال:((يا أيهاالناس: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله وسنة نبيه)) .
١٨٧- قوله:(وعن غضيف) بالضاد المعجمة مصغراً، ويقال: غطيف بالطاء المهملة بدل الضاد المعجمة، والأول أثبت وأصح، (بن الحارث الثمالي) بضم الثاء المثلثة، وتخفيف الميم، نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد، ويكنى أبا أسماء، حمصي، مختلف في صحبته، فذكره الحافظ في القسم الأول من حرف الغين من الإصابة، والمصنف والسكوني في الصحابة، وكذا البخاري، وابن أبي حاتم، والترمذي، والخليفة، وابن أبي يخيثمة، والطبراني، وآخرون، وذكره جماعة كابن سعد، والدارقطني، والعجلى، وغيرهم في ثقات التابعين، ومنهم من فرق بين غضيف بن الحرث فأثبت صحبته، وغطيف بن الحارث فقال: إنه تابعي. قال الحافظ في التقريب: وهو أشبه، مات سنة بضع وستين. (ما أحدث قوم بدعة) شرعية (إلا رفع مثلها) أي مقدارها في الكمية، أو الكيفية والمرتبة. سمى أحد الضدين مثلاً للآخر؛ لأن كل واحد منهما أقرب خطوراً بالبال عند ذكر الآخر، وأسرع ثبوتاً عند ارتفاع الآخر، فكأن بينهما تناسب ما، وإذا كان إحداث البدعة رافعاً للسنة ومغيراً لها كانت إقامة السنة قامعة للبدعة وماحية لها. (فتمسك) جواب شرط محذوف، أي إذا عرفت ذلك فتمسك (بسنة) أي صغيرة أو قليلة (خير من إحداث بدعة) شرعية، وإن كانت مستحسنة