١٨٨- (٤٩) وعن حسان قال: ((ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة)) .
ــ
عند الناس، فبالأول يزيد النور ويحصل الأجر، وبالثاني تشيع الظلمة ويحصل الوزر، ومن المعلوم أن الشيء الذي يورث الأجر خير من الشيء الذي يورث الوزر، وهو من قبيل "العسل أحلى من المر"، وعلى حد {أى الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً} ، فالتقدير: التمسك بسنة فيه خير عظيم وببدعة لا خير فيه أصلاً. وقيل: معنى قوله: "إلا رفع مثلها من السنة" أنه بحدوث البدعة يبطل العمل بسنة، ففيه التحذير عن ارتكاب البدع. (رواه أحمد)(ج٤:ص١٠٥) من طريق أبي بكر بن عبد الله، عن حبيب بن عبيد الله الرحبي، عن غضيف، قال: بعث إلي عبد الملك بن مروان، فقال: يا أباأسماء: إنا قد جمعنا الناس على أمرين. قال: ما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر. فقال: إنهما أمثل بدعتكم عندي، ولست بمجيبكم إلى شيء منهما. قال: لم؟ قال:؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة)) - انتهى. ولعل قوله: فتمسك بسنة، الخ. من قول غضيف موقوف عليه، مدرج في الحديث. وقد أخرجه أيضاً البزار، والطبراني في الكبير، وفي سندهما أبوبكر بن عبد الله، أي ابن أبي مريم الغساني، قال الحافظ أبوعبد الله، وابن معين، وأبوحاتم، وأبوزرعة، وغيرهم: ضعيف. وقال الهيثمي (ج١:ص١٨٨) : منكر الحديث. وقال الحافظ في التقريب: ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط. وصدر المنذري حديث غضيف هذا بلفظة "روي"، وهو دليل لكونه ضعيفاً بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين، كما صرح بذلك في مقدمة ترغيبه. وقال العزيزى: إسناده ضعيف، وفي الباب عن أبي هريرة عند الرافعي، وابن مسعود عند الديلمي، وابن عباس عند الطبراني في الكبير.
١٨٨- قوله:(وعن حسان) غير منصرف على أنه فعلان، وقد ينصرف على أنه فعال، وهو ابن عطية كما صرح بذلك ابن بطة (ق١١٤/٢) والهروى (ق٩٨/٢) في روايتهما، والشاطبي في الاعتصام (٨٥/١) وليس هو حسان بن ثابت الصحابي الشاعر كما وهم القاري وابن عطية، وهذا هو حسان بن عطية المحاربي مولاهم أبوبكر الشامي الدمشقي من ثقات التابعين، قال الحافظ في التقريب: ثقة فقيه عابد، من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة. وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته: ذكره البخاري في الأوسط في فصل من مات من العشرين إلى الثلاثين ومائة، وقال: كان من أفاضل أهل زمانه. (قال) أي حسان (ما ابتدع قوم بدعة) شرعية (مثلها) أي في العدد أو القدر (ثم لا يعيدها) أي الله تلك السنة (إليهم إلى يوم القيامة) ، وذلك أن السنة كانت متأصلة مستقرة في مكانها، فلما أزيلت عنه لم يمكن إعادتها