فوافقا الجمهور. وقال أحمد: يكره تركها مع القدرة، وعنه: واجبة، وعن محمد بن الحسن: هي سنة غير مرخص في تركها، قال الطحاوي: وبه نأخذ، وليس في الآثار ما يدل على وجوبها – انتهى. واستدل من قال بالوجوب بقوله تعالى:{فصل لربك وانحر} والأمر للوجوب، وأجيب بأن المراد تخصيص الرب بالنحر لا للأصنام، فالأمر متوجه إلى ذلك؛ لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام ولا شك في وجوب تخصيص لله بالصلاة والنحر، واستدلوا أيضاً بحديث:((من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا)) ، أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي وابن أبي شيبة وأبويعلى والدارقطني والحاكم من حديث أبي هريرة. قال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب، قاله الطحاوي وغيره ومع ذلك فليس صريحاً في الإيجاب – انتهى. وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا الحديث لا يدل على الوجوب، كما في حديث ((من أكل الثوم فلا يقربن مصلانا)) ، واستدلوا أيضاً بحديث مخنف بن سليم الآتي في باب العتيرة، ولا حجة فيه؛ لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، وقد ذكر معها العتيرة وليس بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية. وقال البيهقي في المعرفة: إن صح هذا فالمراد به على طريق الاستحباب، بدليل أنه قرن بين الأضحية والعتيرة، والعتيرة غير واجبة بالإجماع – انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: حديث أبي هريرة وحديث مخنف بن سليم محمولان على تأكيد الاستحباب، كما قال:((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) ، وقال:((من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مصلانا)) ، واستدلوا أيضاً بحديث ابن عمر قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين يضحي، أخرجه الترمذي، وفي سنده حجاج بن أرطاة، وهو كثير الخطأ والتدليس، ورواه عن نافع بالعنعنة، قال القاري: مواظبته دليل الوجوب، وفيه أن مجرد مواظبته – عليه السلام – على فعل ليس دليل الوجوب، كما لا يخفى، واستدلوا أيضاً بما روي في حديث البراء وأنس عند الشيخين، وحديث جابر عند أحمد ومسلم من الأمر بإعادة الذبح لمن ذبح قبل الصلاة، قالوا: الأمر ظاهر في الوجوب، وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة، فهو كما قال لمن صلى راتبة الضحى قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك، واستدل من قال بعدم الوجوب بحديث أم سلمة الآتي. قال البيهقي في المعرفة: قال الشافعي في هذا الحديث دليل على عدم وجوب الأضحية؛ لأنه علقه بالإرادة، والإرادة تنافي الوجوب، وقال الشوكاني في حديث أم سلمة: ربما كان صالحاً لصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب لقوله: ((وأراد أحدكم أن يضحي)) ؛ لأن التفويض إلى الإرادة يشعر بعدم الوجوب، واستدلوا أيضاً بحديث ابن عباس رفعه:((ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى)) أخرجه البزار وابن عدي والحاكم والبيهقي وغيرهم. وأجيب بأن هذا الحديث ضعيف غير صالح للاحتجاج، وقد صرح الحافظ بأن الحديث ضعيف من جمع طرقه، واستدلوا أيضاً بما أخرجه البيهقي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان كراهة أن يظن من رآهما