١٦٦١- (٢) وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها
ــ
(فشر) أي فهو شر (تضعونه عن رقابكم) فلا مصلحة لكم في مصاحبتها؛ لأنها بعيدة من الرحمة، ويؤخذ منه ترك صحبة أهل البطالة وغير الصالحين. وفي الحديث دليل على ندب المبادرة بتجهيز الميت ودفنه لكن بعد تحقق موته، فإن من المرضى من يخفى موته ولا يظهر إلا بعد مضي زمان كالمسبوت ونحوه. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد ومالك، والترمذي، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجه.
١٦٦١- قوله:(إذا وضعت الجنازة) يحتمل أن المراد بالجنازة الميت، أي إذا وضع الميت على السرير، ويحتمل أن المراد بها السرير أي إذا وضع السرير على الكتف، والأول أولى؛ لقوله بعد ذلك: فإن تك صالحة قالت، فإن المراد هناك الميت، ويؤيده حديث أبي هريرة عند النسائي وأبي داود الطيالسي بلفظ: إذا وضع الرجل الصالح على سريره، كذا قيل. قال السندي: بل هو المتعين، إذ على الثاني يكون قوله: فاحتملها الرجال على أعناقهم تكراراً، ولا يمكن جعله تأكيداً إذ لا يناسبها الفاء فليتأمل، نعم ضمير احتملها بالسرير أنسب إذ هو المحمول أصالة والميت تبعاً، لكن يكفي في صحة إرادة الميت كونه محمولاً تبعاً، ويحتمل أن يكون المراد بالضمير السرير بالاستخدام-انتهى. قلت: وقع في رواية للبخاري واحتملها الرجال بالواو بدل الفاء فلا يبعد أن يكون تأكيداً، نعم التأسيس أولى من التأكيد. وقال القاري: إذا وضعت الجنازة أي بين يدي الرجال وهيئت ليحملوها. (قالت) حقيقة بلسان القال بحروف وأصوات يخلقها الله تعالى فيها. قال ابن بزيرة: قوله في آخر الحديث "يسمع صوتها كل شيء" دال على أنه قول بلسان القال لا بلسان الحال، قيل: يحتمل أن القائل الروح أو الجسد بواسطة رد الروح إليه، وقيل: دعوى إعادة الروح إلى الجسد قبل الدفن يحتاج إلى دليل، والله عزوجل قادر على أن يحدث نطقاً في الميت إذا شاء. (قدموني) أي لثواب العمل الصالح الذي عملته. قال السندي: كأنه يعتقد أنهم يسمعون قوله، فيقول لهم ذلك، أو أنه تعالى يجري على لسانه ذلك ليخبر عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - للناس، فتحصل الفائدة بواسطة ذلك الإخبار، والله تعالى اعلم. (قالت لأهلها) قال الطيبي: أي لأجل أهلها إظهاراً لوقوعها في الهلكة، وكل من وقع في الهلكة دعا بالويل. (يا ويلها) أي ويل الجنازة أي يا هلاكي احضر فهذا أوانك، وكان القياس أن يقول يا ويلي، فعدل إلى إضافة الويل إلى ضمير الغائب حملاً على المعنى، كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه، أو كأنه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنها