٦٠- (١٢) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا زنى العبد خرج منه الإيمان
ــ
ويحي بن العلاء وغيرهما، وتارة يكون من اختلاف الرواة عنه، وهو الأكثر، فإن في رواية أبي الحسن بن العبد عنه من الكلام على جماعة من الرواة والأسانيد ما ليس في رواية اللؤلؤي، وإن كانت روايته عنه أشهر. ثم عدّ أمثلة من أحاديث السنن تؤيد ما قاله، ثم قال: والصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته لما وصفنا من أنه يحتج بالأحاديث الضعيفة ويقدمها على القياس إن ثبت ذلك عنه. والمعتمد أن مجرد سكوته لا يدل على ذلك، فكيف يقلده فيه، هذا جميعه إن حملنا قوله "وما لم أقل فيه بشيء فهو صالح" على أن مراده صالحة للحجة، وهو الظاهر. وإن حملناه على ما هو أعم من ذلك وهو الصلاحية للحجية وللاستشهاد والمتابعة فلا يلزم منه أنه يحتج بالضعيف. ويحتاج إلى تأمل تلك المواضع التي سكت عليها وهي ضعيفة هل منها إفراد أو لا، إن وجد فيها إفراد تعين الحمل على الأول، وإلا حمل على الثاني، وعلى كل تقدير فلا يصلح ما سكت عليه للاحتجاج مطلقا - انتهى. وقال النووي: إلا أن يظهر في بعضها أمر يقدح في الصحة أو الحسن وجب ترك ذلك، أو كما قال. ولفظ الحافظ ابن حجر نقلاً عن النووي أنه قال: في سنن أبي داود أحاديث ظاهرها الضعف لم يبيّنها مع أنه متفق على ضعفها، فلا بد من تأويل كلامه. قال: والحق أن ما وجدناه في سننه مما لم ينبّه عليه ولم ينص على صحته أو حسنه من يعتمد عليه فهو حسن، وإن نص على ضعفه من يعتمد عليه أو رأي العارف في سنده ما يقتضي الضعف، ولا جابر له حكم بضعفه، ولا يلتفت إلى سكوت أبي داود. قال الأمير اليماني: وهو الحق، لكن خالف ذلك في مواضع كثيرة في شرح المهذب وفي غيره من تصانيفه، فاحتج بأحاديث كثيرة من أجل سكوت أبي داود عليها، فلا يغتر بذلك، انتهى كلام الأمير اليماني في تلقيح الأفكار. هذا وقد اعتنى الحافظ المنذري في مختصره بنقد الأحاديث المذكورة في سنن أبي داود بيّن ضعف كثير مما سكت عنه، فيكون ذلك خارجاً عما يجوز العمل به، وما سكتا عليه جميعاً فلا شك أنه صالح للاحتجاج إلا في مواضع يسيرة قد نبهت على بعضها في هذا الشرح، ومنها حديث أنس هذا، فقد سكتا عنه جميعاً مع أن فيه يزيد بن أبي نشبة، وهو مجهول.
٦٠- قوله:(إذا زنى) أي أخذ وشرع في الزنا (العبد) أي المؤمن (خرج منه الإيمان) حمله بعضهم على ظاهرة وقال: يسلب الإيمان حال تلبس الرجل بالزنا، فإذا فارقه وتاب عاد إليه. وقيل: المراد نور الإيمان وكماله. وقد تقدم أن الإيمان اسم لمجموع الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح. ونور الإيمان وكماله هي الأعمال الصالحة واجتناب المناهي، فإذا زنى ذهب منه نوره وبقي صاحبه في الظلمة. وقيل: معناه خرج منه أعظم شعب الإيمان، وهو الحياء من الله تعالى. أو يصير كأنه خرج، إذ لا يمنع إيمانه عن ذلك كما لا يمنع من خرج منه الإيمان. وقال التوربشتي: هذا من باب الزجر والتهديد، وهو كقول القائل لمن اشتهر بالرجولية والمروءة ثم فعل ما ينافي شيمته: عدم عند الرجولية والمروءة، تعييراً أو تنكيراً لينتهي عما صنع، واعتباراً وزجراً للسامعين لطفا بهم، وتنبيهاً على أن