للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٨١- (٣) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه،

ــ

والكيس كذلك أي كائنان بتقدير الله تعالى، وبجرهما عطفاً على "شيء". قيل: والأوجه أن يكون حتى هنا جارة بمعنى إلى؛ لأن معنى الحديث يقتضي الغاية لأنه أراد بذلك أن اكتساب العباد وأفعالهم وإن كانت معلومة لهم ومرادة منهم فلا تقع مع ذلك منهم إلا بمشيئة الله تعالى، فكلها بتقدير خالقهم حتى الكيس الذي يتوسل صاحبه به إلى البغية، والعجز الذي يتأخر به عنها. قال عياض: يحتمل أن العجز ههنا على ظاهره، وهو عدم القدرة. وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به وتأخيره عن وقته. قال: ويحتمل العجز عن الطاعات، ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة. والكيس ضد العجز وهو النشاط والحذق بالأمور، ومعناه أن العاجز قد قدرة عجزه، والكيس قد قدر كيسه - انتهى. وفي الحديث إثبات للقدر، وأنه عام في كل شيء، وأن جميع ذلك مقدر في الأزل، معلوم لله تعالى مراد له. (رواه مسلم) في القدر، وأخرجه أيضاً مالك وأحمد (ج٢: ص١١٠) والبخاري في خلق أفعال العباد.

٨١-قوله: (احتج آدم وموسى) أي تحاجا وتناظرا (عند ربهما) هذه العندية عندية اختصاص وتشريف، لا عندية مكان فيحتمل وقوع ذلك في كل من الدارين الدنيا والآخرة، فقد اختلف في وقت هذه المحاجة، فقيل: وقعت في زمان موسى فأحي الله له آدم معجزة له فكلمه، أو كشف له عن قبره فتحدثا أو أراه الله روحه كما أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج أرواح الأنبياء أو أراه الله له في المنام ورؤياء الأنبياء وحي. وقيل كانت تلك المحاجة بعد وفاة موسى فالتقيا في البرزخ أو ما مات موسى فالتقت أرواحهما في السماء، وبذلك جزم ابن عبد البر والقابسي (فحج آدم موسى) أي غلب عليه بالحجة بأن ألزمه أن جملة ما صدر عنه لم يكن هو مستقلاً بها متمكناً من تركها بل كان أمرا مقضياً، وما كان كذلك لا يحسن اللوم عليه عقلاً، وأما اللوم شرعاً فكان منتفياً بالضرورة، إذ ما شرع لموسى أن يلوم آدم في تلك الحال، وأيضاً هو في عالم البرزخ وهو غير عالم التكليف ولا يتوجه فيه اللوم شرعاً، وأيضاً لا لوم على تائب معفو عنه (قال موسى) الخ جملة مبنية لمعنى فحج آدم وموسى ومفسره للجملة، وقوله في آخر الحديث "فحج آدم موسى" فذلك للتفصيل تقريراً وتثبيتاً للأنفس على توطين هذا الاعتقاد، ويحتمل أن يقال: أن قوله "فحج" أولاً تحرير للدعوى، وثانياً إثبات لها، فالفاء في الأولى للعطف، وفي الثاني للنتيجة، وهما متغايران في المعنى (أنت آدم) استفهام تقرير (خلقك الله بيده) هي محمولة على ظاهرها فنؤمن بها من غير تكييف وتشبيه وتعطيل ولا تتعرض لتأويلها مع اعتقاد أن الجارحة غير مرادة (ونفخ فيك) خصه بالذكر إكراماً وتشريفاً له، وأنه خلق إبداعاً من غير واسطة أب وأم (من روحه) من زائدة على رأي، والنفخ بمعنى الخلق، والإضافة للتشريف أي خلق فيك الروح أو نفخ فيك من الروح الذي هو مخلوق

<<  <  ج: ص:  >  >>