للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعلم بذلك مولاي، فضربني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فدعاه، فقال: لم ضربته؟ قال: يعطي طعامي بغير أن آمره. فقال: الأجر بينكما)) . وفي رواية قال: كنت مملوكاً، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصدق من مال موالي بشيء؟ قال: نعم، والأجر بينكما نصفان)) . رواه مسلم.

ــ

(يعطي طعامي من غير أن آمره) أي بغير إذني إياه (فقال الأجر بينكما) أي إن رضيت بذلك يحل له إعطاء مثل هذا مما يجري فيه المسامحة، وليس المراد تقرير العبد على أن يعطي بغير رضى المولى. قال الطيبي: أخذاً من التوربشتي لم يرد به إطلاق بد العبد بل كره صنيع مولاه في ضربه على أمر تبين رشده فيه، فحث السيد على اغتنام الأجر والصفح عنه، فهذا تعليم وإرشاد لآبى اللحم لا تقرير لفعل العبد - انتهى. وقال النووي: هذا محمول على أن عمير تصدق بشيء ظن إن مولاه يرضي به ولم يرض به مولاه فلعمير أجر؛ لأنه فعل شيئاً يعتقده طاعة بنية الطاعة ولمولاه أجر، لأن ماله أتلف عليه وقوله: "الأجر بينكما" ليس معناه إن الأجر الذي لأحدهما يزدحمان فيه، وإن أجر نفس المال يتقاسمانه بل معناه أي لكل منكما أجر يعني إن هذه الصدقة التي أخرجها المملوك بإذن المالك يترتب على جملتها ثواب على قدر المال والعمل، فيكون ذلك مقسوماً بينهما لهذا نصيب بماله، ولهذا نصيب بعمله، فلا يزاحم صاحب المال العامل في نصيب عمله ولا يزاحم العامل صاحب المال في نصيب ماله (وفي رواية) أي لمسلم (قال) أي عمير (كنت مملوكاً فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتصدق) كذا في جميع النسخ وكذا نقله الجزري في جامع الأصول وفي صحيح مسلم، أأتصدق بزيادة همزة الاستفهام (من مال موالي) بتشديد الياء وفي بعض النسخ من صحيح مسلم مولاي بفتح الياء وبلفظ: الأفراد وكذا وقع في جامع الأصول (بشيء) أي تافه أو مأذون فيه عادة. قال النووي: هذا محمول على أنه استأذن في الصدقة بقدر يعلم رضا سيده به (قال نعم والأجر بينكما نصفان) قال النووي: معناه قسمان وإن كان أحدهما أكثر كما قال الشاعر:

إذا مت كان الناس نصفان شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع

وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أيضاً أن يكون سواء؛ لأن الأجر فضل من الله تعالى ولا يدرك بالقياس ولا هو بحسب الأعمال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والمختار الأول - انتهى (رواه مسلم) في الزكاة والرواية الأولى أخرجها النسائي أيضاً في الزكاة، وأخرج البيهقي فيه الروايتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>