١٣٥١- (١٠) وعن عمران بن حصين، قال:((غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهدت معه الفتح، فقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: يا أهل البلد! صلوا أربعاً، فإنا سفر)) .
ــ
وأقرت صلاة السفر، فكيف يظن أنها تريد على ما فرض الله وتخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حسن فعلها وأقرها عليه فما للتأويل. (يعني ما تقدم ذكره في كلام الحافظ في التلخيص) حينئذٍ وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير، وقد أخبر ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا أبوبكر ولا عمر، أفيظن بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم وهم تراهم يقصرون؟ وأما بعد موته - صلى الله عليه وسلم - فإنها أتمت كما أتم عثمان، وكلاهما تأول تأويلاً، والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له- انتهى. وبالجملة فلم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أتم الرباعية في سفره البتة، بل لازم القصر في جميع أسفاره، فعلى المسلم أن يلازم القصر في السفر، كما لازمه - صلى الله عليه وسلم -. (رواه) أي صاحب المصابيح. (في شرح السنة") وأخرجه أيضاً الشافعي والدارقطني (ص٢٤٢) والبيهقي (ج٣ ص١٤٢) ، وفي سنده طلحة بن عمرو، وهو مترك، فالحديث ضعيف جداً.
١٣٥١- قوله:(غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي غزوات. (الفتح) أي فتح مكة. (فأقام) أي مكث. (ثماني عشرة ليله) أي مع أيامها، وما كان نوى الإقامة هذه المدة من أول الأمر بل كان متردداً متى تهيأ فراغ حاجته ارتحل كما تقدم، فامتد مكثه بمكة لذلك. (لا يصلي إلا ركعتين) في الرباعية. (يقول) بعد تسليمة خطاباً لمن اقتدى به من أهل مكة: (يا أهل البلد صلوا أربعاً) أي لا تقصروا صلاتكم بل أتموها أربعاً. (فإنا) قوم. (سفر) بفتح السين وسكون الفاء. جمع سافر، كركب وراكب وصحب وصاحب، أي إني وأصحابي مسافرون فنقصر الصلاة الرباعية من أجل السفر، وأنتم مقيمون فلا تقصروها بل أتموها. قال الطيبي: الفاء هي الفصيحة لدلالتها على محذوف هو سبب لما بعد الفاء، أي صلوا أربعاً ولا تقتدوا بنا فإنا سفر، كقوله تعالى:{فانفجرت} أي فضرب فانفجرت- انتهى. وفي الحديث دليل على أن المسافر إذا كان إماماً للمقيمين وسلم على ركعتين في الرباعية يتم المقيمون صلاتهم كإتمام أهل مكة، وهذا إجماع، ويستحب له أن يقول بعد التسليم به أتموا صلاتكم إتباعاً لفعله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عبد البر: لا خلاف علمته فيما بينهم أن المسافر إذا صلى بمقيمين ركعتين وسلم فأتموا لأنفسهم. وقال الشوكاني: جواز ائتمام المقيمين بالمسافر مجمع عليه. واختلف في العكس، فذهب طاووس وداود والشعبي وغيرهم إلى عدم الصحة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تختلفوا على إمامكم، وقد خالف في العدد والنية، وذهب الحنفية والشافعية إلى الصحة إذ لم تفصل أدلة الجماعة، ويدل للجواز ما أخرجه أحمد في مسنده عن ابن عباس أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً