أسبحك تسبيحاً وأنا متلبس بحمدك. وقيل: الواو زائدة، والجار والمجرور حال، أي أسبحك تسبيحاً حال كوني متلبساً ومقترناً بحمدك، فالباء للملابسة والواو زائدة، وعلى التقديرين هو حال من فاعل:"أسبح" المفهوم من: "سبحانك اللهم"، وقيل: الواو بمعنى مع، أي أسبحك مع التلبس بحمدك. وقيل: الواو عاطفة عطف جملة فعلية على مثلها والباء سببية، أي أنزهك تنزيهاً واعتقدت نزاهتك بسبب الثناء الجميل عليك. ويصح أن يكون صفة لمصدر محذوف، أي أسبحك تسبيحاً مقروناً بشرك إذ كل حمد من المكلف يستجلب نعمة متجددة ويستصحب توفيقاً إلهياً. قال الخطابي في معالم السنن. (ج١: ص١٩٧) أخبرني ابن الخلاد قال: سألت الزجاج عن الواو في: "وبحمدك" فقال: معناه سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك. قال الطيبي: قول الزجاج يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون الواو للحال، وثانيهما أن يكون عطف جملة فعلية على مثلها، إذ التقدير: أنزهك تنزيهاً وأسبحك تسبيحاً مقيداً بشكرك، وعلى التقديرين:"اللهم" معترضة، والجار والمجرور أعني:"بحمدك" إما متصل بفعل مقدر والباء سببية، أو حال من فاعل؛ والباء إلصاقية، أو صفة لمصدر محذوف كقوله:{ونحن نسبح بحمدك}[٢: ٣٠] أي نسبح بالثناء عليك، أو نسبح متلبسين بشكرك، أو نسبح تسبيحاً مقيداً بشكرك. (وتبارك اسمك) أي كثرت بركة اسمك إذ وجد كل خير من ذكر اسمك. وقيل: تعاظم ذاتك، أو هو على حقيقته لأن التعاظم إذا ثبت لأسمائه تعالى فأولى لذاته، ونظيره. {سبح اسم ربك الأعلى} . (وتعالى جدك) الجد العظمة و"تعالى" تفاعل من العلو أي على جلالك وعظمتك على عظمة غيرك غاية العلو. وقيل: تعالى غنائك أن ينقصه إنفاق أو يحتاج إلى معين ونصير. والحديث يدل على مشروعية الاستفتاح بهذه الكلمات، وقد اختلف العلماء فيما يستفتح به الصلاة من الذكر بعد التكبير، فذهب الشافعي إلى ما رواه علي وهو حديث:"وجهت وجهي" إلى آخره. وذهب أحمد وأبوحنيفة إلى حديث عائشة، وكان مالك لا يقول شيئاً من ذلك، إنما يكبر ويقرأ:"الحمد لله رب العالمين" وأحاديث الباب ترد عليه فيما ذهب إليه من عدم استحباب الافتتاح بشئ. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنواع من الذكر في استفتاح الصلاة، ذكر المصنف خمسة منها، وترك بعضاً آخر وهو من الاختلاف المباح فبأيها استفتح الصلاة كان جائزاً، لكن الأولى بالاختيار عندنا حديث أبي هريرة الذي جاء فيه دعاء الافتتاح بلفظ:"اللهم باعد بيني" الخ.؛ لأنه أصح ما ورد في ذلك. قال ابن الهمام في فتح القدير بعد ذكر هذا الحديث: وهو أصح من الكل؛ لأنه متفق عليه- انتهى. ثم بعد ذلك أولى بالاختيار حديث علي؛ لأنه رواه مسلم، ثم بعد ذلك ما روي عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ثم يقول: الله أكبر كبيراً، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزة، ونفخه، ونفثه. أخرجه أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي. وهو حديث صحيح أو حسن، وسيأتي في باب ما يقول إذا قام من الليل. تنبيه قال المجد بن تيمية في المنتقى بعد ذكر حديث عائشة، والإشارة إلى حديث أبي سعيد