وأنا أول المسلمين. اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيء الأعمال، وسيء الأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت)) رواه النسائي.
٨٢٧- (١٠) وعن محمد بن مسلمة: ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام يصلي تطوعاً، قال: الله أكبر،
وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين)) . وذكر الحديث
مثل حديث جابر، إلا أنه
ــ
الإخلاص. (وأنا أول المسلمين) كذا في جميع النسخ الموجودة عندنا. وفي النسائي:"وأنا من المسلمين"، وأما ما هنا "أول المسلمين" فهي رواية الدارقطني، وهي الصواب. قال الطيبي: هذا أي: "أنا أول المسلمين" لفظ التنزيل حكاية عن قول إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وإنما قال:"لأن إسلام كل نبي مقدم على إسلام أمته- انتهى. والظاهر من القرآن أن نبينا - عليه الصلاة والسلام - مأمور بهذا القول، فإنه تعالى قال له:{قل إن صلاتي ونسكي}[٦: ١٦٢] الآية، لكن كان يقول هذا تارة، و"أنا من المسلمين" أخرى تواضعاً حيث عد نفسه واحداً منهم، كما قال: احشرني في زمرة المساكين، قال القاري. (لا يهدي لأحسنها) أي المذكورات من النوعين. (وقني) بكسر القاف، أمر من وقى يقي. (سيء الأعمال) الخ. في العدول عن الأسوء المقابل للأحسن إلى السيء نكتة لا تخفى. (رواه النسائي) وأخرجه أيضاً الدارقطني. (ص١١٢) وسنده صحيح.
٨٢٧- قوله:(وعن محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام، ابن سلمة الأنصاري الحارثي الدوسي، أبوعبد الله المدني صحابي مشهور. قال ابن عبد البر: كان من أفضل الصحابة، وهو أحد الثلاثة الذين قتلوا كعب بن الأشرف، شهد المشاهد كلها إلا تبوك، واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته على المدينة، ولم يشهد الجمل ولا صفين. وكان من الذين أسلموا على يد مصعب بن عمير، وهو أكبر من اسمه محمد من الصحابة، له ستة عشر حديثاً، انفرد له البخاري بحديث. مات بالمدينة سنة (٤٣) وقيل غير ذلك، وهو ابن (٧٧) سنة. وقال ابن شاهين عن أبي داود: قتله أهل الشام لكونه اعتزل عن معاوية في حروبه. (إذا قام يصلي تطوعاً) قال القاري: ظاهره يؤيد مذهبنا المختار أنه يقرأ: "بوجهت وجهي" في النوافل والسنن. وقال صاحب اللمعات: هو دليل على المخصوصية بالتطوع كما هو مذهبنا- انتهى. قلت: قد تقدم الجواب عن هذا الاستدلال فتذكر. قال شيخنا في أبكار المنن (ص١١٦) : ليس فيه دليل على المخصوصية بالتطوع، كيف وقد ثبت في أكثر روايات على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة قال وجهت وجهي، الخ. وقد تقدم ذكر هذه الروايات، على أنه لو كان في هذا دليل على المخصوصية بالتطوع لكان الدعاء الذي اختاره الحنفية للفرض أيضاً مخصوصاً بالتطوع، فإن الترمذي وأبا داود قد رويا عن أبي سعيد الخدري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك- الحديث. (وذكر) أي محمد بن مسلمة. (الحديث مثل حديث جابر، إلا أنه) أي محمداً.